لم يتفاجأ رؤساء الأندية الأدبية في المملكة بتلقي دعوة من مهرجان سوق عكاظ، الذي تنطلق فعالياته غداً، فذلك ما تعوده هؤلاء في كل عام، لكن المفاجئ والباعث على الاستغراب أن الدعوة لم تشمل نفقات بطاقات السفر والإقامة، إنما ستكون على حساب رؤساء الأندية وليس على المهرجان. هذا الأمر دفع بعض هؤلاء الرؤساء إلى عدم التصديق، وبعضهم اعتبر أن هناك غلطةً ما، لكن الدعوة صريحة، كما أنها أطلقت تساؤلات وتكهنات، ومنها أن سوق عكاظ» مثلاً، لا يرى أن الأندية وبالتالي رؤساءها يستحقون دعوة شاملة التكاليف، بسبب ضآلة ما يقدمونه للمشهد الثقافي، وهناك من رأى أن المهرجان يعتقد بأن موازنات الأندية من الضخامة وبالتالي فلا ضير أن يدفع منها تكاليف السفر والإقامة، لكن هل يضير مهرجان في حجم سوق عكاظ تكاليف سفر وإقامة حوالى 16 رئيساً، علماً أنه دعا هذا العام 2000 من المثقفين، من داخل المملكة وخارجها! بعض الرؤساء اعتبرها تهميشاً لهم، وهناك من رأى فيها هوى من بعض المنظمين. وأكد رئيس نادي الجوف الأدبي الدكتور محمد الصالح أن «سوق عكاظ» يعد من أبرز التظاهرات الثقافية والأدبية، «على مستوى المملكة والوطن العربي، والأندية الأدبية تعد من أبرز المنابر الأدبية والثقافية إن لم تكن أبرزها في المملكة، ومن الطبيعي أن تكون هذه الأندية حاضرة في قلب مشهد هذه التظاهرة لا على هامشها، هذا إن كانت اللجنة المنظمة تؤمن بمكانة ودور الأندية الأدبية في المشهد الثقافي السعودي»، مشدداً على أنه «لا معنى أن توجه الدعوة إلى جهة ما من دون أن تكتمل أركان هذه الدعوة من نقل وإسكان وغيرها من تفاصيل، تلتزم بها الجهات المنظمة لفعاليات مشابهة كمهرجان الجنادرية وملتقى المثقفين والأدباء ومؤتمر اللغة العربية وغيرها، التي جميعها تلتزم وتؤمِّن متطلبات السفر والسكن». ولفت إلى أنهم بوصفهم رؤساء ينظرون إلى «سوق عكاظ والقائمين عليه بإكبار، ونتمنى ألا يحدث ما قد يخدش هذه الصورة». في حين أوضح رئيس نادي الباحة الأدبي حسن الزهراني أن «تهميش دور الأندية الأدبية في هذه التظاهرة العربية أمر مستغرب، فكان من المفترض أن يكون للأندية فعل بارز في فعاليات السوق، بصفتها محضن النشاطات الأدبية والثقافية ومنابر مثقفي المملكة حتى وإن كان بالتناوب كل عام»، معتبرا أن الدعوة تعبّر عن خلل «ربما لا يعلمه المشرفون على السوق، ولا يمكن أن يصدر مثل هذا الفعل منهم، خصوصاً ونحن نعرف أن راعي هذا السوق هو الأمير الشاعر والمثقف الواعي خالد الفيصل، الذي يقدر المثقفين ويحترمهم ويحتفي بهم في كل المناسبات، وهذه سجية وجدناها فيه كلما التقيناه منذ أن كان في أبها إلى العام الماضي في الطائف، وأعتقد لو علم بهذا لكان له موقف صارم». وفي ما يتعلق بموازنة الأندية الأدبية قال الزهراني إن أكثر الأندية «لا تقيم ملتقياتها وبعض نشاطاتها إلا بدعم أهل الخير والإحسان وكأننا في دولة فقيرة، كما أن من شرع في المبنى توقف عاجزاً عن إكماله! فأي ضخامة يتحدث عنها من لا يعرف ما يدور في الأندية؟». وقال رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم إن «الأهواء والنزعات سادت في الدعوات، فالمنظمون اتخذوا موقفاً غريباً من رؤساء الأندية الذين يفترض أن يكون لهم إسهام كبير في التنظيم والحضور. فقد وجهت لهم دعوات لحضور الحفلة لكنهم حرموا مما خص به غيرهم من الأدباء من تذاكر وإقامة. وهذا تصرف غريب يثير علامات استفهام». وأضاف السويلم قائلاً: «كانت شخصية الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد هي الشخصية التراثية الرئيسة في العام الماضي. وقد اقترح الأمير خالد الفيصل على الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم أن يكون للقصيم دور في هذا الموسم، لأن عنترة من عيون الجوى التي هي محافظة من محافظات القصيم. واستجاب الأمير فيصل لهذا المقترح وكلف بعض المؤسسات للاستعداد للمشاركة. وكان من ضمنها نادي القصيم الأدبي فأقام مثقفو المنطقة ورش عمل لما يمكن أن تسهم به منطقة القصيم في هذا المحفل، وقد حضر المدير التنفيذي الدكتور راشد الغامدي إحدى هذه الورش، وأسهم النادي في مشاركة فاعلة خلال الدورة الماضية»، مشيراً إلى أن رؤساء الأندية «انتُخبوا من أدباء المناطق، وهم حينما يحضرون إنما يمثلون الأدباء الذين انتخبوهم، فلماذا يتعمد المنظمون تهميشهم بهذه الطريقة. إننا نضع هذا التساؤل أمام الأمير الشاعر الأمير خالد الفيصل، فهل يليق بالأديب أن يدعى ثم يذهب للبحث عن سكن يؤويه؟!». وكشف رئيس نادي الحدود الشمالية ماجد المطلق أنه ليست المرة الأولى التي توجه الدعوة بهذا الشكل، «ففي العام الماضي تعرضنا للموقف نفسه، إذ وجهت لنا الدعوة لحضور سوق عكاظ على أن تكون التذاكر على نفقة النادي، وعند وصولنا إلى الطائف فوجئنا بأنه لا ضيافة لرؤساء الأندية وغيرهم من منسوبي الأندية الأدبية التي وُجهت إليهم الدعوة، على رغم استضافة المنظمين لأكثر من ألفي ضيف من داخل المملكة وخارجها». وقال المطلق ل«الحياة»: «رؤساء الأندية بالمملكة هم 16 أديباً ومثقفاً؛ فهل يضيق بهم مكان يستضيف أكثر من ألفي مثقف وأديب أم إن بعض المنظمين اعتبروهم أقل شأناً ممن تم توجيه الدعوة مع التذاكر والسكن والضيافة»، مستغرباً حدوث ذلك، «والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا اُستثني 16 أديباً ومثقفاً من ذلك، بينما بقية الأدباء والمثقفين يتم تكريمهم واستضافتهم بما يليق، وعليه فإنني لن أحضر وألبّي دعوة بهذا الشكل، فإما أن نقدر أو لا نحضر».