تظهر قيمة الروح عند الله سبحانه وتعالى، عندما نفخ من روحه في آدم عليه السلام، ومن ثم أمر أهل السماء بالسجود لآدم، تكريماً له من الله خالق كل شيء، الذي نفخ فيه روحاً مقدسة ذات قيمة كبيرة عند الباري المصور، فضل بها بني آدم على باقي مخلوقاته، بمن فيهم ملائكته عليهم السلام، إذ يقول الله تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين). وتوالت الأدلة على القدر الكبير والمقدس للروح عند الله العزيز الجبار في جميع الكتب السماوية، لا سيما في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وفي السيرة النبوية العطرة، ضرب لنا فيها سيد البشر أروع الامثلة بتقديره وتقديسه للروح بشكل عام وروح الانسان بشكل خاص، بل وكان له «صلى الله عليه وسلم» مواقف كثيرة تدل على حثه لحفظ أرواح الناس مهما كانت دياناتهم، وذكر عنه صلوات الله وسلامه عليه انه وقف لجنازة رجل يهودي، توقيراً وتعظيماً لروحه، لمجرد انه انسان من بني آدم، بغض النظر عن حسابه مع الله، إذ إن هذا أمر بينه وبين خالقه سبحانه، ناهيك عن القصص الكثيرة التي حثنا بها حبيبنا ونبينا العظيم على الحفاظ حتى على أرواح النباتات والحيوانات، لمجرد ان فيها أرواحاً وأنفساً أمرنا الله ألا نزهقها بغير حق، فما بالك بمن يزهقون أرواح الناس بالباطل بغير حق وبلا أي ذنب، مسلمين وغير مسلمين، بطرق غوغائية همجية بربرية بشعة. حتى في الحروب المعلنة والمفتوحة، هناك قوانين وتشريعات دولية متعارف عليها بين الجيوش المتحاربة، تلزم أطراف النزاع بعدم الاستهانة بأرواح الأسرى والجرحى من الطرفين، بل وتلزمهم بالحرص على حماية أرواحهم، فما بالكم بمن يقتلون المدنيين الآمنين بأوطانهم في بيوتهم ومكاتبهم ومقار أعمالهم بل وفي الشوارع وهم يسعون وراء لقمة عيشهم وأرزاقهم ومصالحهم لا لهم ولا عليهم! أي دين وأي شريعة هذه التي تمتهن الروح وتعبث بقدسيتها بتقتيل العباد بشكل همجي شامل لا يفرق بين صغير ولا كبير، وبين رجل وامرأة، وبين طرف نزاع أو طرف غير ذي صلة! أي دين وأي شريعة هي تلك التي تنتهج من الانتحار وتفجير الجسد بين أناس ابرياء على انه عمل جهادي مبارك! كيف ينتظر هذا المنتحر من الله ان يتقبله مع الشهداء وهو قد قتل أنفساً بريئة وروع الآمنين بلا ذنب سوى انهم كانوا حيث كان! أي حق وأي إنصاف ينشد هؤلاء من وراء حرمان أم من ولدها، أو ابن من والده، أو أخ من أخيه! وذلك بأن يكونوا ضحايا عمل تخريبي ارهابي جبان لا يقره عقل ولا دين ولا عرف، ولا يقره حتى قانون وحوش الغاب! الغدر لم يكن يوماً من شيم المسلمين والشرفاء والشجعان! بل كان ولا يزال صفة من صفات الجبناء، والضعفاء والخونة! الذين أصبحت بصائرهم غارقة في مستنقعات الظلام والخسة والجهل، وما نجاة الأمير الشجاع من يد الغدر والخيانة إلا تنبيه من الله سبحانه لنا بألا نتهاون مع هؤلاء الغادرين، المجرمين، الذين أصبح آخر ما يهمهم هو أمننا ووحدتنا واستقرارنا، إذ يجب ان نبدأ حملة شعبية طويلة الأمد لنبذ التطرف بكل ما أوتينا من قوة، فنسأل الله ان يكفينا شرور الأشرار، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم، وان يحفظ لنا أمننا وبلدنا واستقرارنا رغماً عن أنف كل خائن لوطنه ودينه وولي أمره... وحسبنا الله ونعم الوكيل. [email protected]