في بعض ما أكتب عن قضايا حقوقية أطالب محامين بالتطوع لتولي هذه القضية أو تلك. مساعدة منهم لأصحاب القضايا كلما كانوا من ذوي الدخل المحدود وعدم العلم والدراية بحقوق لهم ستضيع إذا لم يقيض لها الله محامياً جيداً ومخلصاً. ارتفاع كلفة أتعاب المحاماة وطول الإجراءات وصعوبتها ليسا سراً، وهو ما يدفع بعض أصحاب القضايا إلى القبول بأقل من حقوقهم أو التنازل عنها. وزارة العدل مطالبة بالمبادرة لإلزام كل محامٍ مرخص بنسبة محددة من القضايا يتولاها كل عام بمبلغ رمزي تدفعه الحكومة وتخصص لمن لا يستطيع تحمل دفع كلفة. هذا معمول به في دول أكثر منا اهتماماً بالحقوق وأكثر تقدماً في مجالات شتى. لدي نموذج شاهد على ضياع الحقوق، بل ربما يوضع الحق على من له الحق في تعبيرنا الشعبي نعبر عن ذلك بقولنا: «الحق على المرحوم». قبل سنوات كتبتُ عن قضية المواطن عابد الرشيدي سائق حافلة الطالبات في قرية بمنطقة حائل الذي تعرض لحادثة، وهو ينقل 12 طالبة توفين جميعاً، ومعهم سائق السيارة الأخرى، قضية شغلت الرأي العام وقتها. الحادثة وقعت بسبب محاولة السائق تفادي حفرة كبيرة في طريق سيئ الصيانة، أول لجنة حققت في الحادثة وضعت الحق «على المرحوم». استجاب المحامي عبدالعزيز الحوشاني للنداء وقام بواجبه الاجتماعي للترافع في القضية مجاناً عن السائق وغالبية أهالي الطالبات، وبعد سنوات من عمل دؤوب لفريق المحامي، تتجه القضية الآن إلى مسار آخر غير ما حُدد لها سابقاً «الحق ليس بالضرورة على المرحوم». حيث صدر قرار اتهام من هيئة الرقابة والتحقيق ضد مسؤولين لم يقوموا بواجباتهم الوظيفية وحمّلهم مسؤولية وقوع الحادثة ولا تزال القضية في النظر، وأياً كان الحكم الذي سيصدر من المحكمة الإدارية لاحقاً نتعلم منه كيف أن حقوق مواطنين ضعفاء كانت ستضيع لأن القضية في أحد مراحلها أحيلت إلى المحكمة العامة لإلزام السائق بناءً على التقرير الأول بتحمل جميع ديات المتوفين (رحمهم الله) وقدرها أربعة ملايين ومئتا ألف ريال، فضلاً عن أن الإهمال الوظيفي كان سينجو حتى من المساءلة، أيضاً نتعلم أن للمحامين دوراً اجتماعياً يجب على وزارة العدل المبادرة السريعة لتنظيمه والعمل به. www.asuwayed.com asuwayed@