يوماً بعد يوم يزداد الرفض لخطة مبعوث الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري المتعلقة بإعادة اعمار ما دمرته قوات الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة. وتتضمن «خطة سيري» آلية مراقبة دقيقة لكل كيس إسمنت أو قضيب حديد سيتم ادخاله الى القطاع، علاوة على نشر مئات المراقبين الدوليين، ووجود آلات تصوير في مخازن التجار الفلسطينيين، فضلاً عن توزيعها بواسطة «كوبونات» في عملية معقدة وطويلة وشاقة. ويرى منتقدو الخطة أنها تمثل نوعاً من الوصاية الدولية على فلسطين، كما أنها ستطيل أمد عملية اعادة الاعمار من ثلاث سنوات، كما قدرت لها الحكومة الفلسطينية، الى نحو 15 عاماً أو أكثر. وتقول الأممالمتحدة إنها عرضت الخطة على الحكومة الفلسطينية وحركة «حماس» التي لا تزال تسيطر على القطاع على أرض الواقع، واسرائيل وافقت عليها. ولكن الحكومة أعلنت قبل نحو اسبوعين أن لديها ملاحظات كثيرة على الخطة، وانها اضطرت للقبول بها تحت ضغط الحاجة لاعادة الاعمار، فيما أعلنت القوى الوطنية والاسلامية، بما فيها حركة «حماس» رفضها الخطة. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق إن الحركة لم توافق على الخطة، التي أعلنها سيري في 16 ايلول (سبتمبر) الماضي. ونفى أبو مرزوق على حسابه على «فايسبوك» أن تكون الخطة عرضت على الحركة «بأي صورة من الصور، ولم تتصدر أي موافقة من أي مسؤول في الحركة على هذه الخطة». وأشار الى أن «الحركة ستعمل مع كل القوى السياسية والمجتمعية في غزة على تعديلها وإصلاح الأخطاء التي بها»، معتبراً أن أهم أخطاء الخطة «اعتراض إسرائيل على المنتفعين من إعادة الإعمار، وعلى الكميات المقررة لأصحاب البيوت المهدمة كلياً أو جزئياً، وعلى إعادة البناء في بعض المناطق، إضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تعيق الإعمار». ويقول مراقبون إن «حماس» تراجعت عن موافقتها «الشفوية» على الخطة بعدما ظهرت أخطارها وعيوبها بعد الشروع في تطبيقها قبل حوالى اسبوعين، واعتراض الحكومة عليها، إذ قال أبو مرزوق في تصريحات صحافية منتصف الشهر الماضي إن الخطة «ليست جديدة. فهو (سيري) يعمل بها منذ سبع سنين، بل كل مشاريع الأممالمتحدة سواء إعمار ما تم تدميره في العدوان 2008/2009 أو المشاريع التي تم تمويلها من بعض الدول العربية والاجنبية، تسير بالآلية نفسها». وتساءل ابو مرزوق: «ما هي المصلحة المرجوة من الاعتراض على أعمال الأممالمتحدة وهي تعمل في هذا الميدان منذ عشرات السنين؟». من جهتها، جددت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» رفضها الخطة، واعتبرت أنها «تخدم الاحتلال، وتشرعن الحصار وتجمله وتديمه». وشددت «الشعبية» في بيان أمس على «ضرورة التحرك الشعبي العارم من أجل الضغط بكل الوسائل لرفض هذه الخطة وتغييرها ووضع المؤسسة الدولية أمام مسؤولياتها في خدمة اللاجئين فقط، وعدم التساوق مع الاحتلال». وطالبت ب «تشكيل لجنة وطنية بمسؤولية القوى الوطنية والاسلامية مهمتها مراقبة وضمان سرعة تنفيذ عملية إعادة الإعمار، وعدم تدخل الاحتلال وبعيداً من وصاية الاممالمتحدة، متعهدة بأنها «لن تسمح بأن يوضع أهلنا المتضررون في غزة رهينة بين مطرقة الإهمال وسندان الاحتلال والحصار». من جانبها، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية رفضها الخطة «لأنها تعيق وتعطل وتعمل على إطالة أمد الإعمار». وشددت عقب اجتماع عقدته في غزة بمشاركة فصائل منظمة التحرير وحركتي «حماس» و «الجهاد الاسلامي» على «ضرورة رفع الحصار وفتح المعابر من دون قيد أو شرط ورفض أي اتفاقات أو ضوابط جديدة لقطاع غزة». بدورها، طالبت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينيةالأممالمتحدة ب «التراجع عن مشاركتها في آلية إدخال مواد البناء» إلى القطاع. ودعت الشبكة في بيان أمس الأممالمتحدة إلى «العمل الجدي من أجل الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار في شكل كامل أمام حركة الإفراد والسلع، بما فيها مواد البناء، كون ذلك حقاً أصيلاً من حقوق الشعب الفلسطيني، الذي كفلته مبادئ القانون الدولي». ورحبت الشبكة، التي رفضت الخطة منذ الاعلان عنها، بموقف القوى الوطنية والإسلامية الرافض الخطة «ما يعكس إجماعاً وطنياً شاملاً يؤكد ضرورة مقاومة هذه الآلية التي تجعل الاحتلال المتحكم الرئيس في إدخال مواد البناء». ودعت الشبكة الى «تشكيل هيئة وطنية للرقابة على عملية الإعمار».