يرى عددٌ من الخبراء أنه من غير المعروف ما إذا كانت الضربة المحتملة التي ستنفذها الولاياتالمتحدة وفرنسا على سورية ستغيّر مجرى الحرب فيها لكنها، برأيهم، ستوّجه رسالة حازمة إلى النظام السوري وباقي العالم. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: «سأحرص على أن يؤدي رد المجتمع الدولي إلى وقف تصعيد العنف»، مؤكداً أن «الرد، وليس الوقوف موقف المتفرج، هو الذي يفرض الحل السياسي»، في حين تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن «عملية محدودة» تهدف إلى منع تكرار اللجوء إلى الأسلحة الكيميائية». وقال مسؤول أميركي كبير، طلب عدم ذكر اسمه، إنه سيكون «هناك بعدٌ إنساني» للضربة المحتملة رداً على هجوم 21 آب (أغسطس) في الغوطة الذي اتهمت الاستخبارات الأميركية النظام السوري بشنه مستخدمة غازات الأعصاب. لكن من دون فرض أي «خطوط حمر» على قتل أعداد كبيرة من المدنيين بالأسلحة التقليدية، فلا توجد أي مؤشرات للاعتقاد بأن الحرب الأهلية لن تستمر بعد الضربة، وأن الضربة العسكرية لن تكون سوى «ضرب الماء بالسيف». وسيستمر الوضع على ما هو عليه طالما أن إيران وروسيا ستواصلان مساعدة النظام السوري على استعادة قواه ومواصلة أعمال القمع، إلا في حال حدوث تحوّل سياسي، وأيضاً طالما أن المعارضة لا تزال منقسمة وتسعى إلى نيل الثقة والحصول على السلاح الثقيل الذي يرفض الغرب أن يمدها به خشية وقوعه في أيدي الإسلاميين المتطرفين. ويقول جيريمي بيني، من مجلة «جينز ديفنس ويكلي»، المتخصصة في الشؤون العسكرية، إن إطلاق صواريخ عابرة لضرب منشآت عسكرية سورية سيكون هدفه «معاقبة استخدام السلاح الكيميائي أكثر منه تغيير ميزان القوى بصورة جذرية لصالح المعارضة». كما يؤكد مسؤول فرنسي طلب عدم ذكر اسمه نفس الرأي بقوله إن الهدف من الضربة هو منع اللجوء مجدداً إلى السلاح الكيميائي وليس «تغيير ميزان القوى على الأرض». ويبدي خبراء أسفهم لأن الحلفاء غير قادرين سوى على توجيه ضربة «تكتيكية» وليس «استراتيجية» من شأنها وقف اراقة الدماء. ويقول سلمان الشيخ، من معهد «بروكنغز» في الدوحة إن استخدام الولاياتالمتحدة للقوة تنقصه «استراتيجية أوسع»، وإن العمل العسكري ينبغي أن «يسانده تحرك ديبلوماسي قوي» لدى دول المنطقة. وإذا كان فرانسوا هولاند يعتبر أن الضربة العسكرية قادرة على الدفع باتجاه الحل السياسي، فإن الجهود المبذولة في هذا الاتجاه تواجه طريقاً مسدوداً في غياب أي توافق بين موسكووواشنطن حول مصير بشار الأسد. ومع ذلك لا يكف البيت الأبيض عن الترديد أن الولاياتالمتحدة «ملتزمة بدرجة كبيرة التوصل إلى حل سياسي للنزاع»، وأنها حريصة مثلما قالت باريس على أن تؤكد رسمياً بأن هدف الضربة المحتملة ليس «تغيير النظام»، وهو موقف اعترضت عليه تركيا حليفة واشنطن في المنطقة، التي أعلنت أنها غير راضية عن شن ضربة عسكرية محدودة، إذ قال صراحة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «ينبغي القيام بتدخل كما حصل في كوسوفو. فالتدخل ليوم أو يومين لن يكون كافياً. يجب أن يكون الهدف اجبار النظام على ترك» السلطة. وبعد عامين ونصف العام من النزاع الذي بدأ بتظاهرات سلمية ضد النظام السوري، أسفرت الحرب عن أكثر من 100 ألف قتيل، وعن دمار هائل في مختلف مناطق سورية. وعمّ الاضطراب كل المنطقة وباتت الدول المجاورة تعاني من عدم الاستقرار ومن تدفق اللاجئين الذين تعجز عن توفير المأوى والمساعدات لهم. كما خلفت الأسلحة التقليدية والقنابل الحارقة الكثير من الضحايا والأضرار التي قد يصل مستوى فداحتها إلى مستوى الأضرار الناجمة عن استخدام غاز السارين.