واصلت موسكو حشد جهودها لإقناع الغرب بأن عملية عسكرية محتملة ضد النظام السوري ستكون لها «عواقب وخيمة» وأعرب وزير الخارجية سيرغي لافروف عن «عدم قناعة روسيا بالاتهامات الغربية للنظام» فيما استبعد الكرملين أن يطرح الملف السوري على جدول أعمال قمة «العشرين» التي تنعقد في سان بطرسبورغ نهاية الأسبوع المقبل. ونشطت موسكو ديبلوماسيتها لعرقلة خطط لتدخل عسكري محتمل في سورية، وأجرى لافروف سلسلة اتصالات هاتفية مع شخصيات دولية، سعى خلالها لعرض وجهة النظر الروسية القائمة على ضرورة انتظار نتائج التحقيق في احتمال استخدام سلاح كيماوي ونقلها إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار مناسب. وقالت الخارجية الروسية إن لافروف ناقش المسألة مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي وحذر من «عواقب وخيمة» قد تنجم عن الحل العسكري، ودعا إلى بذل مزيد من الجهود لتجنب تدهور الموقف، فيما حذر الإبراهيمي من «ضرورة عدم تكرار أخطاء الماضي والتحلي بمسؤولية أكبر في هذه اللحظة الحرجة». واعتبر خبراء أن الدعوة الروسية للإبراهيمي للانخراط بشكل أنشط في جهود مواجهة السيناريو العسكري جاءت في إطار حشد كل الإمكانات الممكنة لعرقلة الخطط الغربية. وكان لافروف رفض في مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري «الاتهامات الأميركية والغربية الموجهة لدمشق باستخدام أسلحة كيماوية» بحسب بيان أصدرته الخارجية، وأكد لكيري عدم وجود إثباتات مقنعة في هذا الشأن. وأعرب لافروف خلال المكالمة عن قلقه حيال «التوجه المتعمد لبعض الدول الرامي إلى إفشال محاولات حل الأزمة السورية بطرق سياسية». وأفاد بيان الخارجية أن الوزير الروسي شدد على أن بلاده «تؤيد تبادل المعلومات الموجودة حول أية حوادث محتملة لاستخدام السلاح الكيماوي في سورية عن طريق الخبراء بشكل جدي وعميق». في الأثناء اعتبر رئيس مجلس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين أن شن عملية عسكرية ضد سورية لن يؤدي إلى وقف الحرب الأهلية الجارية هناك وسيلحق ضرراً بالأمم المتحدة وبالقانون الدولي. وأعلنت المؤسسة العسكرية الروسية أنها تنوي سحب سفن متواجدة قرب المياه الإقليمية السورية إذا تدهور الموقف الأمني، لكن قطعاً بحرية سوف تبقى في المنطقة. وقال مصدر في قيادة الأركان الروسية إن موسكو تتابع وتحلل باستمرار تطور الأوضاع العسكرية حول سورية. وزاد أن روسيا تستخدم منظومة الرصد عبر الأقمار الاصطناعية، وتشارك مجموعة السفن الحربية في البحر المتوسط في عمليات الرصد والمراقبة. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن المصدر أن القوات المسلحة الروسية المتواجدة في المنطقة «ليست مكلفة بالحيلولة دون وقوع نزاع مسلح أو التدخل في الأحداث حول سورية» وأنها تتابع الأوضاع من أجل الحصول على أكبر حجم ممكن من المعلومات التي ستستخدم في خدمة مصالح الأمن القومي الروسي وتحليل تكتيكات المشاركين في النزاع المحتمل بدقة، واستخلاص النتائج للمستقبل». وأكد أن ورشة العمل العائمة التابعة لأسطول البحر الأسود التي تنفذ المهام المنوطة بها في ميناء طرطوس سيتم سحبها ووضعها تحت حماية السفن المتواجدة في المتوسط في حال تفاقم الوضع. إلى ذلك، بات في حكم المؤكد أن يجري الرئيس فلاديمير بوتين جلسة محادثات مع نظيره الأميركي باراك أوباما على هامش قمة «العشرين» التي تنعقد في بطرسبورغ الخميس المقبل. وكان أوباما ألغى قبل شهر، لقاء كان سيجمعه مع بوتين في موسكو بعد القمة مباشرة، بسبب ما وصفها «ضرورة إجراء وقفة لمراجعة العلاقات مع روسيا على ضوء الحملات الدعائية الروسية المعادية للولايات المتحدة». لكن مصادر ديبلوماسية أشارت إلى أن تطورات الموقف حول سورية دفعت إلى ترتيب لقاء للرئيسين على هامش القمة. ولم يستبعد محللون روس أن يعمد أوباما إلى تأجيل اتخاذ قرار نهائي في شأن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري إلى ما بعد لقائه ببوتين، بهدف إنجاح اللقاء ومحاولة إقناع روسيا بجدية الأدلة الأميركية على تورط الرئيس بشار الأسد في استخدام السلاح الكيماوي. في المقابل أعرب مسؤولون في الكرملين عن قناعة بأن الملف السوري لن يكون مطروحاً على جدول أعمال قمة «العشرين» في جلساتها الموسعة. وقالت مديرة دائرة الخبراء لدى الرئيس الروسي كسينيا يودايفا التي ستكون مساعدة الرئيس أثناء قمة مجموعة العشرين المقبلة في بطرسبورغ، إن مناقشة الملف السوري خلال القمة أمراً بعيد الاحتمال. وأوضحت: «لا أرى جدوى في طرح هذا الموضوع على النقاش في مجموعة العشرين» و «حسبما أعرف، لم يطلب أحد طرح الملف السوري على المناقشات العامة».