لاحت أمس بوادر انفراجة لحل الأزمة السياسية التي تدخل شهرها الثالث، مع تأكد حصول اتصالات بين جماعة «الإخوان المسلمين» والحكم الموقت للتوصل إلى تسوية تضمن انخراط الجماعة في العملية السياسية في مقابل وقف الحملات الأمنية ضد أعضائها، فيما تراجعت الحكومة عن حل جماعة «الإخوان» في ما بدا «محاولة لبناء الثقة». ورأى رئيس الحكومة الموقتة حازم الببلاوي أنه «ليس من الضروري أن تحظر مصر الإخوان أو تقصيهم عن العملية السياسية»، رغم أن الرجل كان تبنى قبل نحو أسبوعين اقتراحاً قدمه إلى أركان حكومته للبحث في الأطر القانونية لحل الجماعة. وقال الببلاوي في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس، إن «حل الحزب (الحرية والعدالة) أو الجماعة (الإخوان) ليس هو الحل... من الخطأ اتخاذ قرارات في ظروف مضطربة». ورأى أن «من الأفضل أن نراقب الأحزاب والجماعات في إطار العمل السياسي من دون حلها وعملها في الخفاء». وأضاف «أن مدى التزام حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان وشبابها وأعضائها سيكون هو المفصل في الاستمرار من عدمه... الحكومة ستراقب الجماعة وذراعها السياسية، وتصرفات أعضائها هي التي ستحدد مصيرها». وأفيد بأن وساطة جرى تجديدها خلال الأيام الماضية، يقودها حزبا «النور» السلفي القريب من الحكم الموقت و «غد الثورة» القريب من «الإخوان»، وصلت مرحلة متقدمة مع تقديم «الإخوان» تنازلات موجعة بقبولهم الانخراط في خريطة الطريق. وعُلم أن اجتماعات عقدت بين مسؤولين في الحزبين والقيادي في «الإخوان» الوزير السابق محمد علي بشر تطرق إلى مبادرة للتسوية تقوم على وقف الحملات الأمنية تجاه «الإخوان»، إضافة إلى إطلاق سراح أعضائها ممن لم يرتكبوا جرائم في مقابل انخراط الجماعة في خريطة الطريق. وأكد القائم بأعمال رئيس «غد الثورة» محمد محيي الدين «حصول اجتماعات لحل الأزمة ونبذل جهود للتوصل إلى تسوية سياسية». لكنه رفض الخوض في تفاصيل التسوية. وسألته «الحياة» عما إذا كانت اتصالات جرت مع الحكم، فقال: «يتم الحديث مع كل الأطراف لأنه لا يمكن حل الأزمة من دون التواصل مع أطرافها، ونسعى إلى إجراءات لبناء للثقة». وعن تمسك «الإخوان» بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي ومجلس الشورى المنحل والدستور المعطل، قال إن «هناك قيادات عاقلة بدأت تدير الأمور والتواصل مع الأطراف، ونحن نسعى إلى تقريب وجهات النظر... نحن على الطريق الصحيح ونتمنى التوصل إلى حل قريباً حتى نوقف إراقة الدماء». وشدد على أنه «لا يوجد حل سوى الانخراط في خريطة الطريق والانتهاء من الجدول الزمني حتى تعود القوات المسلحة إلى ثكناتها». وعما إذا كان النقاش تطرق إلى الوضع المستقبلي لجماعة «الإخوان»، أوضح محيي الدين: «نحن نرى أن الإخوان جماعة غير شرعية يجب تقنين وضعها، لكن في الوقت ذاته لا يجب الاقتراب من حزبها الحرية والعدالة ويجب أن يتم السماح له بالعمل السياسي... نرفض إقصاء أي طرف، وعلى الجميع أن يعلم أن الإقصاء لن يحل الأزمة». وفي وقت رحب مسؤول حكومي «بأي مبادرات من جانب أي قوى سياسية ووطنية للعمل على التهدئة واستقرار الشارع المصري»، شدد في تصريحات إلى «الحياة» على رفض الحكم الدخول في «صفقات». وقال: «لا تدخل في عمل القضاء، ومن تتم إدانته من قادة وأعضاء الإخوان ستنفذ عليه العقوبات أما من تبرئه الجهات القضائية فسنحترم ذلك». وأكد أن «الباب مفتوح للجميع للانخراط في العملية السياسية وخريطة الطريق بلا شروط». وقال: «لا نسعى على الإطلاق إلى إقصاء أي من أبناء الشعب، وليست لدى أي من مؤسسات الدولة نية في منع أي فئة في المجتمع من الانخراط في الحياة السياسية الحالية وخريطة الطريق من أجل تسيير عجلة البناء والتنمية». واجتمع رئيس الحكومة صباح أمس بنائبه الأول وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم والعدل عادل عبدالحميد «لعرض الموقف الأمني والجهود التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة في فرض الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، وتعقب المجرمين والخارجين على القانون والعناصر التخريبية»، وفقاً لبيان رسمي. لكن يبدو أيضاً أن أي مبادرة للحل تعتمد على الإقرار بخريطة الطريق ستصطدم بجناح متشدد داخل «تحالف دعم الشرعية» الذي يقوده «الإخوان». وقال الناطق باسم «الجماعة الإسلامية» المنخرطة في التحالف محمد حسان ل «الحياة»: «ليس لدي علم بوساطة يقودها حزبا «النور» و «غد الثورة»، لكن لا أتوقع قبولها من أطراف التحالف، لا سيما وأن حزب النور طرف غير مرغوب فيه، باعتباره وسيطاً غير حيادي ولديه موقف معلن». وأعلن «التقدم إلى الجهات المعنية بمبادرة تتبناها الجماعة الإسلامية بالتشاور مع التحالف تقوم على أساس عودة الشرعية الدستورية، لكن هناك تفاصيل يتم الحديث في شأنها تخص كيفية التعامل بعد ذلك سواء في استقالة الرئيس (مرسي) أو تنازله عن صلاحياته لرئيس الوزراء، وكذلك الدستور وكيفية تعديله، والمرحلة الانتقالية وكيفية إدارتها». وعقد المستشار الإعلامي للرئيس أحمد المسلماني اجتماعاً أمس مع قيادات حزب «النور» قال بعده: «نحتاج إلى تجديد النخبة السياسية، ونحتاج إلى أصحاب الخبرة والكفاءة، وأن نخوض معركة ضد ظاهرة الرويبضة ونحتاج إلى مواجهة قوى الاستعمار الجديد والقديم التي تريد انهيار الدولة المصرية». وأضاف أن «الإسلام لم يأت مع الرئيس المعزول، ولم يخرج معه». ورأى أن «الأعداء فشلوا في إسقاط الدولة فلجأوا إلى الإنهاك والموت البطيء». وشدد رئيس «النور» يونس مخيون على أن «الجيش المصري خط أحمر لأنه جيش وطني، ومن يراهن على هدم الجيش فهو خائن، والمصالحة الوطنية تتطلب تضحية من جميع الأطراف، ونرفض إهانة شيخ الأزهر». إلى ذلك، أصدر الرئيس الموقت عدلي منصور قراراً جمهورياً بتعديل قسم الطاعة الذي يؤديه ضباط القوات المسلحة تم بموجبه حذف النص على «أن أكون مخلصاً لرئيس الجمهورية» من اليمين.