صنف رئيس الحكومة التونسية علي العريض «أنصار الشريعة» تنظيماً إرهابياً، على رغم انه الممثل الرئيسي للتيار السلفي الجهادي في البلاد، ما يعني إعلان الحرب على التيار السلفي في البلاد. وقال رئيس الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية، في مؤتمر صحافي أمس، أنه «بعد جلسات جمعت بين رئاستي الجمهوريّة والحكومة ووزارة الداخليّة والهياكل المعنيّة تم إدراج انصار الشريعة في خانة التنظيمات الإرهابيّة». وأضاف العريض «ثبت بالأدلّة والقرائن على أن التنظيم ضالع في عمليّات العنف والإرهاب وكلّ من ينتمي الى هذا التنظيم أو من يتعامل معه سيتحمّل مسؤوليّاته كاملة انطلاقاً من الإجراءات المترتبة عن قرار اعتباره تنظيماً إرهابيّاً». وانتشرت في تونس بعد سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي مظاهر الانتماء إلى التيار السلفي الجهادي من خلال التظاهرات والأحداث الأمنية التي عرفتها البلاد. وساعد في ذلك الانتشار خروج قيادات التنظيم من السجون بعد الثورة إضافة إلى عودة المقاتلين السابقين من أفغانستان والعراق ومن سجون أوروبا حيث يعترف عدد منهم بأنه كان ينشط ضمن خلايا تابعة لتنظيم «القاعدة» في أوروبا والعراق والجزائر. وحمّل رئيس الحكومة التنظيم مسؤولية الاغتيالات السياسية التي طاولت المعارض اليساري شكري بلعيد في شباط (فبراير) الماضي والنائب القومي محمد البراهمي أواخر الشهر الماضي، باعتبار ضلوع أفراد «متشددين ينتمون إلى التنظيم» في الاغتيال. وتعقيباً على خطاب رئيس الحكومة قال الكاتب والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الهادي يحمد ل»الحياة» إن إعلان «أنصار الشريعة» تنظيماً إرهابياً «يستوجب تبعات قانونية وأمنية لكل من يثبت انتماؤه إلى التنظيم ومحاكمته وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب». واعتبر الهادي يحمد أن هذا الإعلان «هو بمثابة إعلان حرب بين الحكومة والتيار السلفي الجهادي باعتبار أن أنصار الشريعة سيردون الفعل بعنف وهو ما ينبئ بدخول مرحلة كسر العظم بين الطرفين». ووفق ما اعلنه رئيس الحكومة فإن الجهات الأمنية والاستخباراتية تمكنت من الكشف عن تنظيم هيكلي ل»أنصار الشريعة» فيه جهاز دعوي سلمي وجناح عسكري، بالإضافة إلى معلومات عن «اختراق جزئي» قام به التنظيم للأجهزة الأمنية والعسكرية. ومن المنتظر أن يعلن وزير الداخلية (مستقل) لطفي بن جدو تفاصيل الخطط والأهداف التي كان ينوي التنظيم القيام بها على الأراضي التونسية. وفسر الخبير العمل الأساسي والمعلن للتنظيم «أنصار الشريعة» باعتبار تأكيد القيادات السلفية الجهادية بأن «تونس ارض دعوة وليست ارض جهاد»، وتوقع أن تقوم الحكومة بمنع كل الأنشطة التي يقوم بها التنظيم مثل الملتقيات الفكرية والمخيمات الدعوية بالإضافة إلى مراقبة المساجد خصوصاً تلك التي يسيطر عليها الجهاديون، وفق رأيه. على الصعيد السياسي جدد علي العريض رفضه استقالة حكومته معتبراً أن «الأوضاع الأمنية في البلاد ومكافحة الإرهاب تستوجب حكومة قوية ولا يمكن لحكومة كفاءات أو تصريف أعمال أن تقوم بذلك»، داعياً الأطراف السياسية في المعارضة إلى «الابتعاد عن استعمال الشارع لحسم الخلافات السياسية باعتبار أن مؤسسات الدولة هي الإطار الأنسب للحوار». وجاءت تصريحات العريض حول الحكومة مخالفة تماماً لما صرح به رئيس «النهضة» راشد الغنوشي التي عبر فيها عن قبوله مبدأ تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية والدخول في المشاورات في هذا الغرض. ويعتبر مراقبون أن التضارب في الآراء بين قيادات «النهضة» تعبير عن الخلافات التي تشق الحركة بين توجه راديكالي وتوجه براغماتي. ودعا العريض أيضاً إلى استئناف عمل المجلس الوطني التأسيسي في اسرع وقت من أجل إنهاء صياغة الدستور والقانون الانتخابي قبل تشرين الأول (أكتوبر) المقبل وتحديد موعد الانتخابات المقبلة على أن لا تتجاوز نهاية السنة المقبلة. وعبر عن قبوله تشكيل حكومة «انتخابات» محايدة تنطلق في العمل بعد المصادقة على الدستور الجديد للإعداد للانتخابات المقبلة.