يواجه قانون إعفاء الشركات الأجنبية الاستثمارية من الرسوم والضرائب المترتبة على مشاريعها داخل العراق، معارضة نيابية شديدة، ويعتبره النواب باباً جديداً لضياع مبالغ ضخمة يمكن أن تشكل نسبة كبيرة من إيرادات الدخل القومي، فيما اتهم آخرون جهات سياسية بالترويج لهذه القوانين لأنهم يملكون شركات تعمل خارج الحدود أو يرتبطون بها. وأشارت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان، إلى أن «المجلس وافق على مشروع قانون إعفاء الشركات العراقية والأجنبية المنفذة للمشاريع الاستثمارية من الضرائب والرسوم». ولفتت إلى أن «المجلس أحال المشروع إلى مجلس النواب». وأكدت عضو لجنة الاستثمار في مجلس النواب نورا البجاري في تصريح الى «الحياة»، تسلُّمَ اللجنة نسخة من القانون، وأشارت إلى تشكيل لجنة تضم عدداً من الخبراء لتبيان تبعات القانون». واعترفت بوجود معارضة شديدة تبنّاها عدد كبير من النواب ستحول دون تمرير القانون. وعن ملاحظات المعترضين، قالت: «قانون الاستثمار العراقي المقر عام 2006 تضمن تسهيلات وصفت بالأكبر على مستوى الدول العربية، وربما العالم، حيث أعفيت الشركات الأجنبية من رسوم إدخال المواد الأولية والماكينات والضرائب على العائدات لمدة 15 سنة وعلى رغم ذلك النتائج كانت مخيبة للآمال». وتابعت «الاعتراض الآخر تمحور حول تخوف عدد من النواب من أن هذه الإعفاءات الجديدة ستحرم خزينة الدولة من عائدات ضخمة تمكن الاستفادة منها لتمويل الموازنة أو حتى تنفيذ مشاريع خدماتية». ولم تنف تخوفات أبداها بعضهم حول وجود دوافع لجهات سياسية تقف خلف إقرار هذا القانون الذي سيصب في مصلحتها، لارتباطها أو امتلاكها شركات تعمل خارج الحدود. وكشفت البجاري أن «فرصة تمرير هذا القانون متوقفة على توصيات اللجنة». جلب الاستثمارات الاجنبية إلى ذلك، ذكر عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار جاسم محمد شنكالي، أن «قرار مجلس الوزراء بإعفاء الشركات الاستثمارية العالمية من الرسوم والضرائب سيساهم بشدة في جلب الاستثمارات الأجنبية للبلد». وقال: «العملية الاستثمارية في البلد مازالت متلكئة لعدم وجود عوامل جاذبة للشركات الرصينة وللمستثمرين العالميين من قبل الحكومة العراقية، إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالوضع الأمني والسياسي». الخبير الاقتصادي حيدر داود أوضح ل «الحياة» أن «طريقة إعداد القانون تتضمن كثيراً من المتناقضات، فالغاية منه تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار داخل العراق، فما الداعي لشمول الشركات العراقية بالامتيازات ذاتها». وتابع: «في حال إقرار القانون ستكون فرصة تستغلها جهات سياسية لفتح النار على الحكومة واتهامها بالفساد، فالكل يعلم أن أكثر من 60 ألف شركة استحدثت بعد عام 2003 بعد أن كانت أقل من 2300 قبل هذا التاريخ وأغلبها مملوك من قبل أحزاب وشخصيات نافذة، وهذا يعني أن الأخيرة متورطة في الإعداد لهكذا مشاريع تصب في مصلحتها». وعن وجود أصوات تدافع عن منح القطاع الخاص فرصاً مماثلة للشركات الأجنبية أو تشجيع رؤوس الأموال الهاربة بعد عام 2003 بسبب الأوضاع الأمنية، للعودة إلى العراق، قال داود: «الجميع يعلم أن الأموال الهاربة لن تعود مجدداً، كونها أموالاً غير مشروعة أو مسروقة أو تعود لأشخاص يخشون الإعلان عن مصدرها». وفي ما يخص تشجيع القطاع الخاص، قال: «باستطاعة المشرعين البحث عن قوانين متخصصة بهذا القطاع وعدم استغلال قوانين أخرى لدس فقرات مشبوهة». ووفق وثائق حصلت عليها «الحياة» من وزارة التخطيط العراقية، تبلغ إيرادات الرسوم الجمركية المتوقعة للعام الحالي 965 بليون دينار (700 مليون دولار)، فيما يتوقع ارتفاعها العام المقبل إلى أكثر من تريليون دينار. وبلغت العائدات المنقولة من الهيئات والشركات العامة المملوكة للدولة 2.5 تريليون دينار لهذا العام، وتشير التوقعات إلى أنها سترتفع إلى 2.81 تريليون دينار في 2014.