يقول الباحث الشرعي الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي ل«الحياة»:«إن حال خطب الجمعة في السعودية هذه الأيام مؤسف جداً، وفيها ضرر على المجتمع لأنها إما تكون سياسية أو متعصبة أو تناصر حزباً على آخر، أو تعمق التعصب لرأي في مسائل اجتهادية، أو فيها لمز وطعن وإيماءات حتى ضد ولي الأمر».مبدياً استياءه من العراك والفوضى التي حدثت في جامع الفردوس بالرياض أمس (الجمعة)، على خلفية دعاء إمام الجامع على وزير الدفاع المصري الفريق عبدالفتاح السيسي. ويرى الغامدي «عدم جواز تخصيص الدعاء على أشخاص بعينهم، حتى وإن كانوا كفاراً»، مستشهداً بحادثة للرسول صلى الله عليه وسلم «حين أرسل 70 من القرّاء إلى قبائل ليعلموهم فقتلوهم، فحزن عليهم حزناً شديداً، وظل يدعو عليهم شهراً حتى نزلت الآية: (ليس لك من الأمر شيء)، أي أن الحكم والأمر لله ربما يتوب عليهم أو يعذبهم، فلا ينبغي أن تطلب الحكم من الله على شخص معين بنهاية معينة، بل على الخطيب أن يدعو لعامة المسلمين بالخير والصلاح». ويشير إلى أن «كثيراً من الأئمة في الخطب أو صلوات التراويح، يختمون بأدعية كأنها موعظة أو فيها إيحاءات سياسية أو لمز وهمز لأشخاص معينين». ويضيف: «قليل من الخطباء لديهم توجه جيد، ويراعون الغرض الذي وجدت لأجله خطبة الجمعة، خصوصاً أن الأصل فيها نفع الناس ووعظهم، وبيان أحكام دينهم وما يعينهم على تربية أبنائهم، وعلى الاستقامة ونشر القيم الإنسانية والأخلاقية، وليس الترويج لأهداف سياسية، تستغل من خلالها منابر المساجد لتوجيه الرأي العام». ويلفت إلى أنه «إذا تلقى أئمة المساجد توجيهاً معيناً من ولي الأمر بطرح موضوع محدد، بناء على حيثيات مستوفاة من ولي الأمر فهذا ممكن، لأن ولي الأمر أدرى بمصلحة الناس»، ويطالب في الوقت ذاته الخطباء الذين يتناولون مسائل اجتهادية في خطبهم، ب«طرح جميع الآراء من باب الأمانة العلمية، ولبيان سماحة الدين وتعليم الناس سعة الرأي في بعض ما اعتادوا عليه لفترة طويلة، وعم الاقتصار على رأي واحد وتعميقه بأنه الحق، لكونه يولد التعصب في المجتمع». ويشير إلى ضرورة قيام وزارة الشؤون الإسلامية، ب«معاقبة الخطباء المخالفين، وتكثيف الرقابة عليهم». بدوره، يقول عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي، أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن محمد سفر، إن «منهجية الرسول صلى الله وعليه وسلم في خطبه متعلقة بمواضيع تدعو المسلمين إلى وحدتهم وعدم فرقتهم، وتتضمن الإرشاد والتوجيه الأخلاقي بالحوار والحكمة والموعظة والحسنة، وهي القاعدة الأساسية التي قامت عليها الخطبة». ويضيف سفر ل«الحياة»: «غالبية المساجد ملتزمة بالمنهجية الصحيحة، ولكن أتمنى أن تنظم وزارة الشؤون الإسلامية دورات مكثفة لخطباء الجمعة، وذلك على منهجية وأسس موحدة، لكي لا تثار الفوضى في المساجد، ولا تستغل المنابر لأغراض سياسية، تثير الفرقة والشقاق».