مئة دينار أردني هي كل ما سيتكلفه «وضاح» للفوز ب «حورية شامية» لم يتجاوز عمرها ال 16 سنة، بعد أن منع قانون الأحوال الأردني الزواج من قاصر إلاّ ضمن شروط صعبة، وهو ما يخالف العادات البدوية التي درج عليها آباؤه، بخاصة أن معظم الفتيات السوريات اللاجئات في مخيم الزعتري في محافظة المفرق (100 كلم شمال العاصمة عمان) لا يحملن وثائق رسمية تثبت أعمارهن. والمهمة ليست صعبة في العثور على «الحورية» التي طالما حلم بها ذووه لتزويجه بها، بخاصة أنه عاطل من العمل ولا يملك أكثر من 1000 دينار أردني، فالشبكات التي تعمل على اصطياد الفتيات الجميلات في المخيم تعمل بنشاط وبوسائل مقنعة، إذ تحصل على صور لهؤلاء الفتيات وأسمائهن وعناوينهن، وما على العريس إلاّ الإشارة إلى الفتاة التي يريد. في المقابل، فإن العوز والفقر وسوء الحال والتحرش التي تتعرضن لها الفتيات داخل المخيم تدفع ذويهن إلى الموافقة على تزويجهن بأي ثمن بدعوى سترتهن وحمايتهن من الاستغلال والاعتداء الجنسي. وهذه الرغبة من قبل ذويهن انتشرت لتصل إلى خارج الحدود، فتزايد عدد الطلبات التي تُقدم إلى السفارات في الأردن للموافقة على طلبات الزواج من سوريات مقيمات في الأردن من رجال من جنسيات عربية. وتبلغ تكاليف الزواج من القاصرات 100 أو 200 دينار أردني بأفضل الأحوال، وبحسب بعض المؤشرات، فإن هناك إقبالاً على تزويج الفتيات السوريات، وبخاصة القاصرات اللواتي لا تتجاوز أعمارهن 14 أو 15 سنة خوفاً عليهن من التعرض للاغتصاب. وتتذكر لاجئة مشاهد صادمة لفتيات قاصرات عرضت عليهن طلبات للزواج العرفي مقابل ترحيلهن من المخيم والتكفل بالإنفاق عليهن. وتقول إن «رجلاً دخل المخيم بسيارة فارهة بذريعة تقديم المساعدات، لكنه سرعان ما بدأ يلتقط الصور للفتيات، وقام أحد رفاقه بالتلفّظ بعبارات خادشة محاولاً الاقتراب من فتاة صغيرة كانت تجر عربة لنقل المياه». وتضيف: «لا نستطيع أن نطلب من الشرطة منع الناس من دخول المخيم، فالكل يأتي إلى هنا بحجة تقديم الطعام والشراب». ويقول اللاجئون ومسؤولو الإغاثة إن أعداداً متزايدة من الرجال العرب ووسطاء الزيجات وجدوا طريقهم إلى المخيم، وبعضهم يدخل منتحلاً صفة عمال الإغاثة. يذكر أن حادثة تحرش داخل مخيم الزعتري تسببت بصدامات عنيفة بين لاجئين سوريين وسكان محليين، تدخل الأمن لاحقاً لتطويقها. وكانت الحادثة بدأت عندما تسلل شبان إلى السكن وتصوير الفتيات، ما أثار غضب الأهالي الذين اشتبكوا على الفور مع هؤلاء، واتسعت دائرة الاشتباك إثر مشاركة المئات من الطرفين... وتبرر أم أروى التي تسكن مخيم الزعتري إقدامها على تزويج ابنتها بعمر 14 سنة من زوجها البالغ من العمر 19 سنة، وتقول: «أقسم أنني لم أكن أستطيع النوم وبناتي معي في الخيمة، كنت شديدة الخوف عليهن». وتضيف أنها «لم تكن لتُقدِم على هذه الخطوة لو أنها ما زلت في سورية»، قبل أن يقاطعها زوجها بالقول: «هناك العديد من حالات الاغتصاب». وعن اللاجئات السوريات خارج مخيم الزعتري، تقول سائدة البالغ عمرها 14 سنة، والتي تبدو عليها معالم الإرهاق الشديد وهي تحتضن طفلها: «ما كنت لأتزوج الآن لولا الظروف الحالية». وتشير التوقعات إلى ارتفاع عدد الزيجات بين اللاجئات السوريات الصغيرات السن بنسبة 60 في المئة، الأمر الذي يؤثر سلباً، ليس فقط على الصعيد الاجتماعي، بل على الصعيد الصحي، وكثير من الفتيات ينجبن أطفالاً قبل أن تنضج أجسادهن بشكل كامل. وكانت معلومات تم تداولها عن العشرات من عرب إسرائيل سافروا إلى الأردن للزواج من لاجئات سوريات صغيرات السن، وتعمد بعض «جمعيات الزواج الأردنية» إلى «التوسط» بين الزوج حامل الهوية الإسرائيلية من جهة والزوجة السورية، التي تكون بالغالب قاصراً، من أجل الزواج. ويقوم وسطاء من تلك الجمعيات باختراق مراكز تجمعات اللاجئين السوريين من أجل هذا الغرض، واستغلال حاجتهم للمال من أجل تزويج بناتهن من عرب يحملون الجنسية الإسرائيلية. يشار إلى أن الكثير من الجمعيات الأردنية تعمل على تنظيم هذا الزواج مقابل 200 دينار أردني، وهو المبلغ الذي يعد ضئيلاً بالنسبة إلى عرب ال48، خصوصاً أن الحد الأدنى للرواتب في إسرائيل يصل إلى ما يقرب من 1000 دولار شهرياً، وبالتالي فإن القيام بالمغامرة والسفر إلى الأردن والزواج من لاجئة سورية أمر سهل.