فجّر مسلحو جماعة الحوثيين أمس المقر الرئيس لحزب «الإصلاح» في مدينة إب (170 كيلومتراً جنوبصنعاء) بعد اشتباكات عنيفة مع حراسه، سقط خلالها قتلى وجرحى، فيما تظاهر عشرات من الناشطين في صنعاء للتنديد بالوجود المسلح للجماعة، وحضوا الرئيس عبدربه منصور هادي على تشكيل مجلس عسكري لحماية اليمن محذّرين من «سيناريو انقلاب حوثي وشيك» على شرعية الدولة. وقالت مصادر أمنية وقبلية ل «الحياة» أن عشرة جنود قُتِلوا بهجوم لمسلحي تنظيم «القاعدة» على مركز مديرية جبل راس التابعة لمحافظة الحديدة (غرب)، وهي امتداد جغرافي يوازي مديريات العدين في محافظة إب التي كان التنظيم استولى عليها قبل عشرة أيام، استباقاً لزحف الحوثيين إليها. وفيما تواردت أنباء عن تفجير سيارة مفخخة في مدينة الحديدة على البحر الأحمر، استهدف تجمُّعاً للحوثيين، أكدت مصادر في الجماعة ل «الحياة» عدم صحتها. في غضون ذلك دعا سفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية في اليمن، القوى السياسية إلى استعجال تنفيذ بنود اتفاق «السلم والشراكة» وتشكيل حكومة، وطالبوا الحوثيين بوقف الاستحواذ على النشاطات العسكرية ونشاطات الدولة. كما عبّروا عن قلقهم المتزايد من احتمال أن يجر القتال بين الجماعة وتنظيم «القاعدة» اليمن إلى «صراع أكبر». وجاءت هذه التطورات بعد يوم على تنظيم الحوثيين لقاء قبلياً شعبياً حاشداً في صنعاء، لوحوا خلاله بإطاحة الرئيس هادي، وأمهلوه عشرة أيام لتشكيل حكومة. كما أقروا تشكيل لجان شعبية «ثورية» في كل محافظات اليمن لمراقبة أداء المؤسسات والبت في مظالم المواطنين. وقالت مصادر أمنية وشهود ل «الحياة» أن الحوثيين سيطروا صباح أمس على المقر الرئيس لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) في مدينة إب، و «نهبوا محتوياته ثم فجّروه بعد اشتباكات عنيفة خاضوها في محيط المقر، وامتدت إلى أحياء أخرى مع مسلحين إصلاحيين». وأكدت المصادر سقوط أربعة قتلى من حراس المقر إضافة إلى خمسة جرحى في هذه الاشتباكات، ولم يُعرف عدد الإصابات لدى الحوثيين الذين أسروا أكثر من 30 عنصراً من «الإصلاح» كانوا داخل المقر و «اقتادوهم إلى مكان مجهول». وكانت الجماعة التي سيطرت على صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي اجتاحت محافظة إب قبل نحو أسبوعين وسيطرت على مركزها بعد مواجهات محدودة مع مسلحي القبائل المناصرين لحزب «الإصلاح»، إضافة إلى مدينة يريم ومديرية الرضمة، كما اجتاحت معظم المحافظات الشمالية والغربية من دون مقاومة من قوات الجيش والأمن. وأثارت تهديدات الجماعة خلال اللقاء القبلي أول من أمس بإطاحة هادي وتشكيل مجلس حكم رئاسي ثوري، مخاوف لدى الأوساط السياسية والديبلوماسية، وتظاهر عشرات من الناشطين أمس وسط العاصمة، مطالبين هادي بتشكيل مجلس عسكري لحماية اليمن من الخطر الحوثي، وتشكيل الحكومة سريعاً والإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية. وحذّر المتظاهرون في بيان من»سيناريو انقلاب وشيك للميليشيات المسلحة»، مطالبين برحيلها من شوارع العاصمة وأحيائها، وبقية المحافظات التي اجتاحتها، كما حمّلوا هادي وأركان النظام السابق مسؤولية «استمرار سقوط البلاد في أتون الحرب المذهبية القذرة». ودان المتظاهرون «تواطؤ مؤسسة الرئاسة وتخاذل الأحزاب حيال انهيار الوضع السياسي والأمني»، مشددين على «ضرورة عودة الجيش والأمن لحفظ الأمن والاستقرار ومحاربة جماعات العنف والإرهاب». إلى ذلك جدد سفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية دعوتهم إلى «التنفيذ الكامل لاتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع في 21 سبتمبر بأسرع وقت ممكن، وبأعلى مقدار من الحكمة». وشددوا على أهمية «وجود حكومة تتحلى بأعضاء مؤهلين وقادرين على إظهار النزاهة والكفاءة والحياد». وفي بيان مشترك طلب السفراء من الحوثيين «وقف استحواذهم المستمر على النشاطات العسكرية ونشاطات الدولة، ومن ذلك سيطرتهم على مناطق مختلفة، والاستيلاء على المعدات العسكرية الحكومية، وتعطيل عمل الوزارات، والجهات الحكومية، ومشاريع الدولة» التي أكد البيان ضرورة «أن يسمح لها فوراً بالاستمرار في أعمالها من دون ترهيب أو تدخل في شؤونها». ونوّه السفراء بإزالة الحوثيين مخيماتهم في صنعاء والمنطقة المحيطة، واعتبروا ذلك «خطوة في الاتجاه الصحيح».