بدأ مجلس شورى حركة «النهضة» أمس اجتماعاً ينتهي اليوم، للبت النهائي في المبادرات المعروضة من قبل «الاتحاد العام للشغل»، أكبر منظمة عمالية في البلاد، وقوى المعارضة وشخصيات وطنية أخرى، في شأن إيجاد مخرج من الأزمة السياسة التي تمر بها البلاد، بينما يتواصل لأكثر من 20 يوماً اعتصام المعارضة في منطقة باردو بالعاصمة تونس للمطالبة باستقالة الحكومة التي يترأسها القيادي في حركة «النهضة» الإسلامية علي العريض، وحل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان). ويمثل مجلس شورى «النهضة» أهم مؤسسة في الحركة الإسلامية الحاكمة، وهو المخوّل باتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة، مما جعل البعض يصفه بالهيئة السياسية الأهم في البلاد. ويضم مجلس شورى «النهضة» تيارات مختلفة كثيراً ما تتباين مواقفها إزاء المواقف السياسية. وبشأن الأزمة الراهنة، هناك من يدعو إلى التهدئة وتقديم التنازلات من أجل تجاوز المحنة، بينما يدعو تيارٌ آخر إلى عدم التراجع أمام ضغط الشارع والمعارضة. وقالت مصادر من داخل مجلس الشورى ل «الحياة»، إن الاجتماع سيخرج بموقف نهائي ل «النهضة» في شأن الحكومة والمجلس التأسيسي، سواء كان تمسكها بعلي العريض في منصبه على رأس الحكومة الحالية أو قبولها بتشكيل حكومة جديدة ترأسها شخصية مستقلة. وفي حال الاتفاق على التخلي عن رئيس الحكومة الحالية فإن المجلس سيناقش الشخصية المستقلة التي يمكن أن تقود الحكومة في الفترة المقبلة. ولحد الآن لا تزال المواقف متباعدة بين الائتلاف الحاكم الذي تقوده «النهضة» وبين قوى المعارضة الليبرالية واليسارية التي تصر على استقالة حكومة علي العريض وتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، فضلاً عن حل المجلس التأسيسي. ومن جانبها تبدو «النهضة» متمسكة بالحكومة الحالية. أما «الاتحاد العام للشغل» فيحظى بثقة جميع الفرقاء السياسيين باعتبار لقاءاته مع قيادات «النهضة» وقيادات المعارضة في الوقت الذي ترفض فيه هذه الأحزاب الجلوس إلى طاولة حوار وجهاً لوجه في ظل تمسك كل طرف بموقفه. ورغم أن «اتحاد الشغل» أعلن توقفه عن لعب دور الوساطة في الأزمة السياسية، إلا أنه لا يزال يقوم بمشاورات مع الأحزاب والشخصيات الوطنية، خصوصاً «اتحاد الصناعة والتجارة»، الذي يمثل رجال الأعمال، ويوافق على مقترح تشكيل حكومة كفاءات وطنية مع الإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي. وفي ظل هذا الخلاف ينتظر الجميع القرار الذي سيصدر عن مجلس شورى حركة «النهضة» مساء اليوم والذي سيحدد ملامح المرحلة المقبلة. وكانت الأزمة السياسية الحالية في تونس بدأت بعد اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي في أواخر تموز (يوليو) على أيدي «سلفيين متشددين»، وفق ما قالت وزارة الداخلية. وتنظم المعارضة تظاهرات يومية منذ اغتيال البراهمي، متهمة حكومة «النهضة» بأنها أخفقت على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وكانت حكومة سابقة برئاسة «النهضة» أيضاً اضطرت إلى الاستقالة بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد في شباط (فبراير) الماضي. إلى ذلك، تتواصل عمليات الدهم التي تقوم بها قوات الأمن والجيش ضد مجموعات مسلحة في مختلف محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى تواصل الاشتباكات المسلحة في جبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية حيث تتحصن مجموعاتٌ مسلحة يُعتقد أنها على علاقة بتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».