تتواصل منذ يومين المواجهات بين وحدات من الجيش الوطني التونسي ومجموعة مسلحة تتحصن في جبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية - التونسية، والاشتباك المباشر بين الجيش ومجموعات مسلحة هو الأول في المنطقة منذ اكتشاف الألغام في نيسان (أبريل) الماضي. وتعيش تونس حالة من القلق والحيرة اثر اغتيال الجنود وسط قلق من ان تتحول البلاد الى مرتع للعمليات الإرهابية. وذكرت وكالة «رويترز» ان هجمات الجيش تستهدف المغاور والكهوف في المنطقة حيث يختفي مسلحون سلفيون من تونس والجزائر وليبيا. وقال الناطق الرسمي باسم الجيش توفيق الرحموني في تصريحات لإذاعة محلية ان «المواجهات تدور في منطقة تبعد 16 كلم من محافطة القصرين قرب جبل الشعانبي حيث تتم ملاحقة مجموعة متصلة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي». وأكد العميد الرحموني ان وحدات جوية وبرية تشارك في العملية التي انطلقت في ساعة مبكرة من فجر الجمعة بهدف القضاء على مجموعات مسلحة يفترض انها ضالعة في اعداد الكمين الذي أودى بحياة تسعة عسكريين تونسيين. في السياق أكد العميد المتقاعد في الجيش الوطني والخبير العسكري مختار بن نصر «إن المجموعة الارهابية المتحصّنة في جبل الشعانبي غيرت مخططها حيث تجاوزت مرحلة الاختفاء إلى الهجوم من خلال توجيه رسائل تفيد تواجدها في كامل مناطق الجمهورية»، مؤكداً في تصريح لاذاعة محلية، اتجاه الجيش الوطني الى مرحلة التطويق والهجوم باعتبار ان أماكنهم أصبحت مكشوفة حسب قوله. على الصعيد السياسي لا تزال المشاورات متواصلة بين فرقاء الساحة السياسية حول تشكيل حكومة جديدة في البلاد مثلما تطالب المعارضة والقوى الشبابية، وكان رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي اطلق اول من امس مشاورات مع الأحزاب السياسية لم تسفر عن اي نتيجة. ويذكر ان المعارضة والقوى الشبابية تعتصم منذ اغتيال النائب المناهض للإسلاميين محمد البراهمي امام المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) للمطالبة بحله وإسقاط الحكومة التي يرأسها علي العريض القيادي في حركة «النهضة» الإسلامية. ومنح الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) التحالف الحكومي مهلة أسبوع من اجل التوصل الى اتفاق تتشكل بموجبه حكومة كفاءات مستقلة تتصدى للإرهاب وتشرف على الانتخابات المقبلة ويتعهد أعضاؤها بعدم الترشح للانتخابات كما جاء في بيان الاتحاد العام التونسي للشغل. وشدد سامي الطاهري القيادي في اتحاد الشغل في تصريح ل «الحياة» على ان عدم تشكيل حكومة كفاءات وطنية سيدفع الناس الى التشكيك في نتائج الانتخابات المقبلة، مشدداً على ان «اتحاد الشغل قدم مبادرة من شأنها ان تقلص من هوة الاختلاف بين المعارضة والتحالف الحكومي»، وفق قوله. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل طالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني محايدة عن الأحزاب ولا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة، مع التشديد على المجلس التأسيسي لإنهاء صياغة الدستور والقانون الانتخابي. في السياق نفسه لا يزال موقف حركة «النهضة» التي تقود الائتلاف الحاكم غير واضح باعتبار اختلاف في وجهات النظر بين قيادييها، فبعد تأكيد قيادات في «النهضة» على الانفتاح على كل الاقتراحات بما في ذلك تشكيل حكومة إنقاذ وطني، قال الشيخ راشد الغنوشي انه يتمسك بعلي العريض رئيساً للحكومة مع تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيه جميع الأحزاب السياسية وهو ما ترفضه المعارضة.