يقر ماركوس (26 سنة) وهو يرتدي بفخر السروال النمسوي التقليدي المصنوع من الجلد والمزود حمالتين «عندما كنت في الخامسة عشرة من العمر، لم أكن أفكر يوماً في ارتداء سروال ليديرهوزن». ويؤكد الشاب خلال الدورة السبعين من مهرجان كيرشتاغ في مدينة فيلاخ الجنوبية، وهو أكبر مهرجان نمسوي للتقاليد الفولكلورية أن «جميع الشباب لديهم اليوم سراويل مماثلة». ففي هذا البلد الواقع في قلب منطقة جبال الألب والذي يتمتع بمناظر خلابة، تشهد التقاليد الفولكلورية إقبالا كثيفاً خصوصاً في أوساط الشباب، شرط أن تكون جذّابة ومسلية. وصارت الفساتين التقليدية المعروفة ب «ديرندل» أقصر من الركبة، فيما باتت السراويل الجلدية من الملابس النسائية لكن بنماذج أقصر. وتقول بيرناديت (16 سنة) إن «من الأسهل الرقص بفستان ديرندل قصير». وأصبحت السهرات في النوادي الليلية مع أزياء تقليدية رائجة جداً، علماً أنها كانت تعتبر قبل بضع سنوات من المواقف الأكثر إحراجاً. وانتهزت متاجر التنزيلات هذه الفرصة لتقديم ملابس تقليدية مصنعة في آسيا او أوروبا الوسطى بسعر لا يتخطى المئة يورو. وباتت المجموعة النمسوية «تسيليرتالر تراشتنفلت» التي أسست قبل ثماني سنوات تحتل مرتبة الصدارة في هذا القطاع مع 33 متجراً ورقم أعمال يوازي 30 مليون يورو. حتى أن متاجر «هوفر» التابعة لسلسلة المتاجر الألمانية «ألدي» تبيع الملابس التقليدية في متاجرها الكبيرة. ووفق يوليا فيغشايدر الناطقة باسم «تسيليرتالر تراشتنفلت»، يبدأ السكان تقدير تقاليد بلادهم في ظل ازدياد الأنباء السيئة التي تأتيهم من أنحاء العالم أجمع. وتضيف: «الافتخار بالبلاد بات مجدداً مهماً في نظر الشباب. فبلدنا جميل جداً». ولا تقتصر حماسة الشباب على الأزياء التقليدية، بل باتوا يتحمسون أيضاً للأغنيات الشعبية، ولا سيما أغنيات الفنان أندرياس غابالير. ويلقى المغني بوجهه البشوش وعينيه الزرقاوين وملابسه الضيقة وحركاته المثيرة شهرة متزايدة في أوساط النساء اللواتي يفقدن الوعي في حفلاته. وأندرياس غابالير البالغ من العمر 29 سنة والذي يسرّح شعره مثل إلفيس بريسلي، أعطى بفضل حملات ترويجية مكثفة زخماً جديداً لنوع موسيقي كاد يفقد شعبيته. فقبل 10 سنوات، كانت 13 أسطوانة موسيقية للأغنيات الشعبية مدرجة في قائمة الأسطوانات المئة الأكثر مبيعاً في النمسا. وبلغ عدد الاسطوانات الشعبية العام الماضي 24، وأربع منها في قائمة الأسطوانات العشر الأكثر مبيعاً وثلاث أسطوانات تعود لأندرياس غابالير. ولا يعني ازدهار التقاليد الفولكورية في أوساط الشباب في النمسا وكذلك في جنوبألمانيا نبذ الحياة المعاصرة، على حد قول توماس بوم من جمعية الصناعة الموسيقية النمسوية. وهو يوضح أن الشباب قد يحضرون حفلة لغابالير بالأزياء التقليدية ويذهبون في اليوم التالي الى الرقص على أنغام أغنيات ريهانا أو دافيد غيتا. أما هيلغا ماريا فولف عالمة الإثنيات التي ألفت كتباً عدة عن الموضوع، فتعتبر أن العولمة هي التي تدفع الشباب إلى التمسك بجزء من تقاليدهم.