تدافع مئات المصريين بالمناكب في الحر القائظ في المشرحة الرئيسية في القاهرة امس الخميس وكل ما يريدونه هو تصاريح دفن موتاهم. لكن الفوضى كانت تعم المكان غداة مقتل مئات الأشخاص بعد تدخل قوات الأمن لفض اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي فامتلأت بجثثهم المشرحة والشارع خارجها. ووضعت عشرات الجثث ملفوفة في أغطية أو ملاءات بيض أو جرائد في صف يمتد مئات الأمتار في الشارع أمام مشرحة زينهم. وشكا الواقفون بجوار جثث أقاربهم أمام مبنى المشرحة من انهم لا يستطيعون العثور على المسؤولين الذين ينبغي ان يفحصوا الجثث ويوقعوا تصاريح الدفن. وقال سيد طارق (35 عاما) "هذا أخي" مشيرا إلى جثة ملفوفة في أغطية عليها بقع دم ومغطاة بكتل من الثلج لحمايتها من التحلل. وأضاف "أصيب برصاصة في رأسه. قتله قناصة في رابعة (العدوية)" حيث كان يعتصم أنصار مرسي. ونقلت أسر كثيرة جثث أبنائها من مكان الاعتصام إلى المشرحة بنفسها. وثمة عشرات من الجثث المتفحمة والمشوهة المسجاة ملفوفة بأكفان في مسجد استخدم كمشرحة مؤقتة، ما يشير إلى أن عدد القتلى قد يرتفع لأن العدد الذي تعلنه وزارة الصحة لا يشمل عادة سوى الجثث التي تنقل إلى المستشفيات. وقال عاطف هاشم وهو مدرس عمره 50 عاما ويريد دفن قريبه الذي خلف وراءه خمسة أبناء "وصلنا في السابعة صباحا. الأسرة كلها هنا". وأضاف أن مسؤولي المشرحة "يشربون الشاي في الداخل ويتركون الجثث على الأرض مغطاة ببعض الثلج". وأخذ بعض الرجال يطرقون باب المشرحة بأيديهم وقد تملكهم الإحباط. لكن المشرحة كانت مكتظة إلى حد يتعذر معه دخولهم. وقال محمد صلاح وهو واقف بجوار نعش مفتوح فيه جثة شقيقه الذي قال انه قتل برصاصة اصابت رأسه من الخلف في القاهرة اول من أمس "الدخول صعب جدا. هذا هو المكان الوحيد في مصر كلها الذي يصدر الوثائق". وأضاف "أتينا أمس (الثلاثاء) وصرفونا لأنه كان هناك عدد كبير جدا من الناس هنا لذا أعدنا الجثة إلى المستشفى ثم جئنا هذا الصباح". ولمح آخرون إلى أن الدولة تسعى إلى التستر على أعمال العنف. وقال إيهاب عبدالهادي الذي كان يقف بجوار جثة قريب له في الصف إن مسؤولي المستشفى طلبوا منه التوقيع على تقرير يقول إن سبب الوفاة هو الانتحار ولكنه رفض. وأضاف وهو يتصبب عرقا من حرارة الشمس "أين وزارة الصحة؟ أين الحكومة؟ لا يوجد نظام هنا". وهناك أسر أخرى تشكك بشدة في الدولة. وتقول هذه الأسر إن تقارير المشرحة تتناقض أحيانا مع وثائق المستشفى التي تحدد سبب الوفاة. وقال خالد علي معوض (29 عاما) أثناء مرور جثة محمولة على لوحة إعلانات "تقول تقارير المشرحة الاختناق بالغاز المسيل للدموع أو الانتحار وتضطر الأسر إلى التوقيع وإلا فلن تتسلم الجثث لدفنها". ورفض مسؤولو وزارة الصحة التعليق على هذه المزاعم.