تواصلت أعمال العنف في مصر أمس، على رغم تشييع قتلى المواجهات، وسط تهديدات من «الإخوان المسلمين» وحلفائهم بالتصعيد ردت عليها وزارة الداخلية بالتوعد باستخدام الرصاص الحي ضد «المخربين»، فيما تجاوزت أعداد القتلى 700. وصعّدت قوى دولية احتجاجاتها على الفض العنيف لاعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، إذ طالبت الأممالمتحدة بتحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين، وقرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلغاء مناورات عسكرية مشتركة. لكن الجامعة العربية دعت أعضاءها إلى «التضامن» مع القاهرة. وظهر أن التصعيد المتبادل للعنف في الشارع أطاح بأي أمل لحل سياسي للأزمة، وقوّض مبادرة كان طرحها شيخ الأزهر أحمد الطيب لرأب الصدع، فيما فتحت استقالة نائب الرئيس للشؤون الدولية محمد البرادعي التي قبلتها الرئاسة أمس النار عليه من مؤيدين للجيش. وأعلنت وزارة الصحة أن عدد ضحايا اشتباكات «الأربعاء الدامي» الذي شهد فض اعتصامي أنصار مرسي في «رابعة العدوية» في حي مدينة نصر و»النهضة» في الجيزة، ارتفع إلى أكثر من 500 قتيل. لكن هذه الحصيلة لم تتضمن نحو 250 جثة نقلها أنصار «الإخوان» من مسجد رابعة العدوية إلى مسجد الإيمان في شرق القاهرة ولم تسجل رسمياً. وتجددت المواجهات في أكثر من محافظة أمس بين أنصار مرسي من جهة وأهالي وقوات الأمن من جهة أخرى، وسط تواصل استهداف الكنائس خصوصاً في جنوب مصر والمقرات الأمنية والحكومية، وأبرزها مقر محافظة الجيزة الذي أحرقه أنصار «الإخوان». وقتل 3 من أفراد الشرطة خلال تصديهم لمحاولة اقتحام قسم شرطة حلوان في القاهرة. كما قُتل 3 مواطنين في الإسكندرية إثر اشتباكات مع أنصار مرسي الذين حاولوا الوصول إلى كنيسة القديسين. واقتحم أنصار مرسي كنيسة في مدينة الوسطى في بني سويف وأحرقوها، وكنيستين آخرتين في عزبة النخل في القاهرة، واتهمت أسرة رجل وزوجته قتلا في إحدى قرى محافظة سوهاج في الصعيد أنصار الرئيس المعزول بقتلهما. وقتل 7 جنود في الجيش وأصيب 5 في هجوم استهدف مكمن الصفا على الطريق الدائري في العريش في سيناء. وتكدست جثث القتلى أمام المشارح في مختلف المحافظات أمس من أجل استخراج تصاريح للدفن، وإثبات أسباب الوفاة. واقتحم أهالي قتلى مشرحة زينهم في القاهرة، لكن الأطباء وأمن المشرحة تمكنوا من السيطرة على الموقف وأخرجوهم لاستئناف عملهم. وتسلمت عشرات الأسر جثامين ذويها كي توارى الثرى بعد إنهاء إجراءات الدفن. وتوعد المشيعون السلطات بعنف غير مسبوق. وهتفوا: «سلمية ماتت» و «معادنا بكرة»، في إشارة إلى تظاهرات اليوم. في المقابل، أدى مئات الضباط يتقدمهم وزير الداخلية وقيادات عسكرية صلاة الجنازة على عشرات من أفراد الشرطة قتلوا في المواجهات. وقالت وزارة الداخلية إن 43 فرداً قتلوا في تلك المواجهات بينهم 18 ضابطاً منهم لواءان. وشُيعت جنازات قتلى الشرطة وأيضاً أنصار مرسي وسط أجواء من الشحن المتبادل تُنذر باستمرار المواجهات الدامية بين الطرفين. وتوعدت وزارة الداخلية باستخدام الذخيرة الحية ضد من يهاجم مقراتها. وقالت في بيان إنها «أصدرت توجيهاتها إلى كل القوات باستخدام الذخيرة الحية في مواجهة أية اعتداءات على المنشآت أو القوات فى إطار ضوابط استخدام حق الدفاع الشرعي». وأكدت «دعم كل القوات المكلفة بتأمين وحماية تلك المنشآت بالأسلحة والذخائر اللازمة لردع أي اعتداء يستهدفها». وتعهدت «ملاحقة كل من شارك في أية اعتداءات طالت القوات أو المنشآت حتى ينال عقابه». وأكد وزير الداخلية أنه لن يُسمح بأي اعتصام في أي مكان في البلاد. ودخلت قوات الشرطة مساء أول من أمس في مواجهات مع أنصار مرسي في أكثر من محافظة من أجل فض تجمعاتهم بالتزامن مع سريان حظر التجوال في تلك المحافظات. وفي حين لوح تحالف «دعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» ب «فوضى عارمة في الشارع»، شدد الحكم الموقت على الإصرار على المضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق التي كان حددها الجيش مطلع الشهر الماضي. وقال الناطق باسم «الإخوان» جهاد الحداد لوكالة «رويترز» إن الجماعة وحلفاءها تلقوا «ضربة قوية جداً»، وإنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي، مشيراً إلى إن إراقة الدماء زادت صعوبة إقناع أعضاء الجماعة بالالتزام بالسلمية للحكومة، ما أيده نائب رئيس حزب «الوطن» السلفي المنخرط في تحالف «دعم الشرعية» يسري حماد الذي هدد في تصريحات إلى «الحياة» ب «فوضى عارمة في الشارع». وقال «سيكون هناك عنف وفوضى عارمة، ولن تستقيم أي دولة تقوم على الانقلاب... واهم من يظن أن هناك رئيس ستستقيم له الأمور في المستقبل».