ادخلوا معنا في الحلف الأطلسي. اعطونا قوتكم العسكرية لندافع معا عن حدودنا. ونحاصر الشيوعية القادمة من روسيا. ونتصدى للتيارات القومية الخطرة علينا وعلى إسرائيل. ولا بأس أن تستخدموا الدين في هذه المعركة. وعمموا إسلامكم المعتدل في الشرق الأوسط. لكن لا تقربوا اتحادنا فما زلتم، على رغم اعتدالكم، مختلفين ومتخلفين. هذه هي خلاصة العلاقة الأوروبية - التركية، منذ أعلن كمال أتاتورك عام 1923 انتماءه إلى القارة القديمة، متوهماً أن استبدال الحروف العربية باللاتينية وخلع الطربوش والحجاب يصنعان هوية جديدة، ويمحوان التاريخ الطويل من العداء بين الطرفين. علاقة حولت تركيا، بوزنها الاستراتيجي وتاريخها، إلى مجرد ذراع عسكرية للأطلسي. وربما كان ما قاله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، رداً على دعوة الرئيس باراك أوباما الاتحاد الأوروبي إلى قبول عضوية تركيا، افضل ما يعبر عن النظرة العنصرية إلى أنقرة، على رغم الحاجة إليها. قال ساركوزي، خلال القمة الأوروبية - الأميركية في براغ: «أعمل يدا بيد مع الرئيس أوباما، ولكن في ما يتعلق بانضمام تركيا إلى الاتحاد فإن القرار يعود الى الدول الاعضاء». وأضاف: «عارضت دائما هذا الانضمام وسأبقى كذلك. اعتقد بأن غالبية ساحقة من دول الاتحاد تؤيد موقف فرنسا... إن تركيا بلد كبير جداً، وحليف لأوروبا وحليف للولايات المتحدة، ويجب ان يبقى شريكا مميزاً. لكن موقفي لم يتغير». الشراكة المميزة، ليست طرح اليمين الفرنسي وحده. اليسار أيضاً يشاركه هذه الرؤية. في كتابه «نعم لتركيا»، اقترح الاشتراكي ميشال روكار (كان رئيساً للوزراء في عهد فرنسوا ميتيران ونائباً في البرلمان الأوروبي) أن انضمام أنقرة إلى الاتحاد «شهادة تأمين على الحياة» بالنسبة إلى أوروبا. لكنه في الوقت ذاته دعا إلى أن يكون ذلك هدية لها عام 2023 في مناسبة مرور مئة سنة على تأسيسها، بعد هزيمة السلطنة العثمانية. ومن الآن إلى ذلك التاريخ، على الاتحاد العمل على استيعابها تدريجاً في مؤسساته، من خلال شراكة مميزة تجعلها تتخلى عن معاييرها الثقافية لتنسجم مع المعايير الأوروبية. ولا ينسى روكار أن يوصي بضمها من الآن إلى السياسات الأمنية لتساهم في تحقيق الأهداف الجيوسياسية لأوروبا. ومنها الوقوف في وجه إيران، والمساعدة في السيطرة على منابع النفط. اليمين واليسار الأوروبيان يريدان عسكر أتاتورك لا ثقافته. أما حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بإسلامه المعتدل، فليبق خارج الأسوار لصد الهجمات ونشر رسالته في محيطه. وها هو قد بدأ يلعب هذا الدور بسعيه إلى استعادة العلاقات العثمانية معدلة مع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.