كشف مسؤولون فلسطينيون أن اللقاء التفاوضي الفلسطيني - الإسرائيلي الأول الذي عقد ليل الأربعاء - الخميس كان عاصفاً، وغاب عنه الوسيط الأميركي. وقال المسؤولون إن الجانب الفلسطيني قدم احتجاجاً شديد اللهجة إلى الجانب الإسرائيلي على سلسلة مشاريع التوسع الاستيطاني التي أعلن عنها قبيل الاجتماع، محذراً من أن استمرار هذا النوع من مشاريع البناء الاستيطاني سيؤدي، في حال استمرارها، إلى انهيار المفاوضات في مهدها. وذكّر المفاوضون الفلسطينيون الجانب الإسرائيلي بأن الوسيط الأميركي تعهد قبيل بدء المفاوضات عدم القيام بأي خطوات من شأنها الإضرار بنتائج المفاوضات، وتعهد قيام إسرائيل بتقليص البناء في الكتل الاستيطانية، ووقف البناء خارج الكتل أثناء المفاوضات. وقال المسؤولون إن الجانب الأميركي تعمد عدم حضور الاجتماع التفاوضي الذي كان مخصصاً لبحث الجوانب الفنية للعملية التفاوضية. وقرر المفاوضون من الجانبين عقد لقاء ثان في مدينة أريحا الأسبوع المقبل، واتفقوا خلال الاجتماع الذي استمر أكثر من اربع ساعات، على إبقاء المفاوضات بعيدة عن الإعلام. لجنة المفاوضات في غضون ذلك، عقدت اللجنة السياسية المشرفة على المفاوضات امس اجتماعاً برئاسة الرئيس محمود عباس. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن «اللجنة بحثت العديد من القضايا في المنطقة وسير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي»، و «أكدت خطورة الاستيطان على عملية السلام، وأدانت القرار الإسرائيلي في شأن أملاك الغائبين في القدس». وأضاف أن بعض أعضاء اللجنة السياسية اعترض على مبدأ استئناف المفاوضات. يذكر أن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين صادق أخيراً على منح الحكومة صلاحيات ممارسة قانون «أملاك الغائبين» للاستيلاء على أملاك فلسطينية في القدس في حال وجود نشاط أمني لأحد المالكين، أو من أجل الحفاظ على «النسيج اليهودي» في حال وجود جيران يهود لأصحاب الملك. الموقف الاسرائيلي وفي اسرائيل، لم يحظ استئناف المفاوضات باهتمامات وسائل الإعلام العبرية فغابت عن عناوينها الرئيسة، ودفعت بها الصحف إلى ذيل صفحات متأخرة، ولم تأت بأي تفاصيل باستثناء تأكيد «مصادر مطلعة» أن الاجتماع الذي تم بين الجانبين المفاوضين، وسط التكتم على مكان عقده، كان «جدياً»، مضيفةً أن الاجتماعات المقبلة ستتم هي أيضاً بعيداً عن كاميرات الإعلام والاحتفالية «حيال رغبة الوسيط الأميركي بذلك». ونقلت وسائل إعلام عبرية عن وزراء إسرائيليين قولهم إن احتمال أن تثمر المفاوضات الحالية بين إسرائيل والفلسطينيين اتفاق سلام نهائياً «ضئيل للغاية»، مضيفين أن تجربة الماضي أثبتت أن الطريق الوحيدة للتوصل إلى اتفاقات مع الفلسطينيين هي «في القنوات السرية وليس من خلال مفاوضات ترعاها الولاياتالمتحدة». على صلة، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى تأكيده أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري تبلَّغ من إسرائيل قرارها بناء 1200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدس، ونحو ألف أخرى في مستوطنة «غيلو». واعتبر أحدهم احتجاج كيري على قرار البناء وقوله إنه فاجأ الإدارة الأميركية، وأنه اتصل فوراً برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وطالبه بكبح أعمال البناء في المناطق المحتلة، هو «ضريبة كلامية» للفلسطينيين ليعودوا إلى طاولة المفاوضات. وأضاف المصدر أن قرار نتانياهو الإفراج عن 26 أسيراً فلسطينياً ابتغى أساساً إرضاء الولاياتالمتحدة «لتقف إلى جانب الدولة العبرية في عدد من القضايا الإقليمية، في مقدمها البرنامج النووي الإيراني والتطورات في كل من مصر وسورية، فضلاً عن قيامها (الولاياتالمتحدة) بفرملة الخطوات الفلسطينية الأحادية الجانب في الأممالمتحدة والضغط على الاتحاد الأوروبي كي لا يتخذ مزيداً من الإجراءات العقابية ضد إسرائيل التي من شأنها أن تزيد من عزلتها على الحلبة الدولية. مع ذلك، لم يستبعد المصدر أن تنشأ أزمة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة خلال ستة أشهر في حال تعثرت المفاوضات مع الفلسطينيين. جثامين فلسطينيين من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل تعتزم تسليم السلطة الفلسطينية جثامين فلسطينيين تحتفظ بها منذ سنوات كثيرة. وأضافت أن العملية قد تتم بعد أن تقوم السلطة الفلسطينية بتشخيص الجثث. وبينما أكد وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ الخبر، نفاه مسؤولون في مكتب نتانياهو جملة وتفصيلاً. حملة «ميرتس» لدعم السلام إلى ذلك، أطلقت حركة «ميريتس» اليسارية المتمثلة في الكنيست بستة نواب في المعارضة، حملة إعلامية أمس في شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تحت عنوان «لا اتفاق سلام آخر سوى على أساس حدود عام 1967 مع تبادل أراض وإعادة تقسيم القدس (أي الانسحاب من القدسالشرقيةالمحتلة)». وقالت رئيسة الحزب النائبة زهافه غالؤون على صفحتها في «فايسبوك» إنه لن يتم التوصل إلى أي اتفاق سلام طالما استمر البناء في المستوطنات، مضيفة أنها تدرك أن حزبها خارج دائرة صنع القرار لوجوده في المعارضة «لكننا سنكون معارضة من أجل تحقيق السلام، وسنصوّت إلى جانب اتفاق سلام». وتابعت أن «قرار نتانياهو مواصلة البناء في المستوطنات في الضفة الغربية ورفضه التوقيع على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي (الذي يشترط عدم الاستثمار في المستوطنات وحصره في حدود إسرائيل عام 1967)، يؤشران إلى عدم جدية نياته وينذران بأن وجهة هذه الحكومة هي الاحتلال لا السلام». وزادت أن دوافع نتانياهو لاستئناف المفاوضات هي دوافع حزبية ونتيجة الضغط الدولي الكبير عليه «لكن المفاوضات من أجل التفاوض لن تحقق أي نتائج».