إذا كنت تعيش في روسيا، فعليك أن تسدد فواتيرك المتأخرة قبل الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، فهذه الأخيرة غدت «مخبراً» عند الدولة يرشد السلطات المختصة إلى الأشخاص المتخلفين عن السداد. ولم يعد توظيف فضاء الشبكة العنكبوتية لمراقبة الناس وهمومها وتطلعاتها حكراً على الأجهزة الخاصة التي تقول روايات إنها تراقب حتى الحياة الافتراضية للمواطن. وبحسب ابتكار روسي، فإن السلطات ستلاحق من تأخر في تسديد فواتير الكهرباء أو الهاتف أو عشرات الخدمات الأخرى، وذلك في غرف الدردشة على شبكات التواصل الاجتماعي. واتخذت هيئة الملاحقات القانونية التابعة للقضاء الروسي قراراً يخول التنفيذ القضائي البحث عن وسائل جديدة لتحديد أماكن وجود المتأخرين عن تسديد الفواتير، بعدما باتت الطرق التقليدية عاجزة عن إيجادهم وإجبارهم على دفع مستحقات الدولة. وأفادت صحيفة «إزفيستيا» الروسية أن السلطات القضائية أعدت لائحة بنحو 50 موقعاً إلكترونياً للتواصل الاجتماعي، فضلاً عن مواقع الإعلانات والبحث عن وظائف... وغيرها، من أجل الشروع في مراقبتها. وسيجري إنشاء دائرة خاصة للبحث في ملفات الشبكات الاجتماعية والرسائل التي يتركها المستخدمون على صفحاتهم، من أجل جمع معلومات عن المدنيين، تتضمن الصور ومكان الإقامة وأماكن ترددهم يومياً، على أن يجري اختيار شبكة التواصل الاجتماعي المناسبة لملاحقة كل متهرّب أو متأخر، بحسب وظيفته أو ميوله. وذكر خبراء أن البحث عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى نتائج باهرة في بعض المقاطعات والمحافظات الروسية، وأضحى البحث بهذه الطريقة منتشراً ومعروفاً. ولا تخفي الهيئة القضائية نيتها التعاون مع مُخدّمي الإنترنت في روسيا، من أجل تزويدها بمعلومات عن المتخلفين عن الدفع تتضمن حساباتهم المصرفية، وأرقام جوازات سفرهم، وعنوان «IP adress» المستخدم للدخول إلى الشبكة العنكبوتية، إضافة إلى مكان الإقامة إن توافر. وتلقى شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا رواجاً كبيراً، وخصوصاً المحلية منها. ويبلغ عدد المشتركين في شبكة «أدنوكلاسنيكي» (أي زملاء الدراسة) حوالى 135 مليون شخص، بينما تضم شبكة «فكنتاكتي»، وهي النسخة الروسية ل «فايسبوك»، حسابات عشرات الملايين من الروس. ودفع انهماك الروس في «الحياة الافتراضية» ساعات طويلة يومياً، شركات كبرى إلى تحريم استخدام الإنترنت على الموظفين ومعاقبة من تسوّل له نفسه فتح حسابه أو الدخول إلى غرف الدردشة أثناء الدوام. في المقابل، وجد بعض الروس في الظاهرة مناسبة للتندر، إذ اعتبر أحد أبرز وجوه الكوميديا في روسيا غينادي خازانوف أن على الحكومة استخدام ولع الروس بشبكات التواصل في شؤون مفيدة، مقترحاً أن تلغي الدولة تنظيم الإحصاءات التقليدية للسكان توفيراً للنفقات، وأن تكتفي بجمع بيانات «أدنو كلاسنيكي» و «فكنتاكتي» ومواقع تواصل الأطفال، وحينها ستخرج بإحصاءات دقيقة من دون عناء وبأرخص الأسعار.