ما بين أعمال التركيب والممارسات البنائية والتكوينية والوسائط المتعددة، تجربة فنية ثرية شارك فيها 21 فناناً إسكندرياً، تفاعلوا معاً لاستقصاء خطاب بصري مختلف عن أنظمة التشكيل اللوني المعتادة، في معرض «البرج». ونتج من هذه المشاركة تيارات فنية مختلفة ضمت مزج الوسائط وفنون الفيديو والتراكيب الهندسية، والإنشاء الصناعي ما أتاح الفرصة للتوقف عند العديد من الأفكار المستقدمة، التي تداخلت فيها تكوينات فنية لكتل غير منطقية أو منطقية، تداعت فيها لحظات حياتية وثورية فريدة لانهائية. كما استخدمت فيها إضاءات غير مبررة ووسائط حداثية وتكوينات غير تقليدية رسخت رمزية بلغت ذروتها في تقنية اللون والانتقاء النوعي للأفكار والمفردات التشكيلية التي استخدمها كل فنان. استطاع المعرض بتنوع طروحاته الفنية واختيارات فنانيه المغايرة أن يثير الإدهاش والجدل للحضور حول ماهية المفاهيمية الوافدة ومدى قبولها بين أوساط التلقي والتعاطي في العالم العربي. يعد المعرض نتاج ورشة فنية استضافها قصر ثقافة مدينة برج العرب حيث كان يفترض أن يقام، إلا أن حال الانفلات الأمني حالت دون ذلك، فنظم في الإسكندرية. غرابة التجريب وجرأة المغامرة واستخدام تركيبات شكلية لها وجود فيزيائي يقوم على تداخل مكاني مع موجودات المحيط الواقعي للعمل، هما ما ميز مشاركات المعرض المتنوعة، واللافت دمج الكهرباء والإضاءة والمؤثرات الصوتية والهندسية. رصدت داليا برلي في عملها الأرجوحة تكوينات من عالم المرأة المليء بالتفاصيل فعلقت أرجوحة أسفلها رزم من الجرائد العربية والدولية إذ تهتم المرأة بكل التفاصيل على رغم اتصالها وتفاعلها وصدامها مع العالم الخارجي المليء بالأحداث سواء كانت سلبية أم إيجابية. ووسط هذا العالم الحاشد الممتلئ بالتفاصيل الخشنة نجد المرأة تضع تفاصيلها الأنثوية الخاصة، وتؤكد برلي أن الأرجوحة تعبير عن أن المرأة لا تصل أبداً إلى قمة السعادة ولا إلى قمة التعاسة فهي دائماً معلقة بأرجوحة الحياة كلما تفكر في شيء يسعدها تجد نذير شؤم من ذكرياتها وهوسها وضغوطها يقض مضجعها ويؤرقها. وقدم أحمد أبو النصر فيديو انستيلاشن مرتكزاً على مخيلة المتلقي في تفسيره الكمي للظواهر الحياتية إذ قدم مجسماً لشباك بالخشب الأبيض يقف خلفه تمثال يتحدث افتراضياً.