قال الأمين العام لحركة "النهضة" الاسلامية حمادي الجبالي، التي تقود الحكومة التونسية، انه يؤيد تشكيل حكومة غير حزبية في ما يبدو انه استجابة لمطالب المعارضة العلمانية بعد اسابيع من الاحتجاجات المطالبة بالاطاحة بحكم الاسلاميين بينما تتزايد المخاوف من تكرر السيناريو المصري في تونس. وكان عشرات الالاف من المعارضين العلمانيين تظاهروا أمس الثلثاء في ساحة باردو بتونس العاصمة مطالبين بحل الحكومة والمجلس التأسيسي المكلف بصياغة الدستور الجديد وذلك في تصعيد للاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الماضي. وقال الجبالي، الرجل الثاني في حركة "النهضة" ورئيس الوزراء السابق لراديو اكسبريس اف ام المحلي: "يتعين تكوين حكومة غير مسيسة وتقوم بمهمة تقنية لمدة ستة اشهر في ادارة الانتخابات". وتطالب المعارضة العلمانية- التي تشعر بالغضب لمقتل اثنين من افرادها في ستة اشهر والتي اكتسبت جرأة بعد عزل الجيش المصري الرئيس الاسلامي المنتخب محمد مرسي- بالاطاحة بالحكومة التي تقودها حركة "النهضة" الاسلامية وحل المجلس التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد والقانون الانتخابي. ويبدو هذا اول تنازل من الحركة الرافضة لحل الحكومة وإقالة رئيس الوزراء الاسلامي علي العريض، لكن الكلمة الفصل في "النهضة" تبقى للرجل الأول فيها راشد الغنوشي الذي لم يعلق حتى الان على موقف الجبالي. والاسبوع الماضي قال الغنوشي ل"رويترز" ان رئيس الوزراء والمجلس التأسيسي خط احمر يجب عدم تجاوزه. ودعا الجبالي الى التسريع بانهاء عمل المجلس التأسيسي بعد الانتهاء من المصادقة على الدستور والقانون الانتخابي. وتلتقي دعوة الجبالي مع مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي الذي يطالب بدوره بحل الحكومة واعطاء مهلة زمنية محددة للمجلس للانتهاء من كتابة الدستور. وتونس الان في خضم اسوأ ازمة سياسية منذ الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في مطلع عام 2011. وتتزامن هذه الازمة مع تزايد هجمات متشددين اسلاميين. ومن المقرر ان يلتقي راشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة" اليوم مع الامين العام للاتحاد العام للشغل سعيا لانهاء الازمة السياسية المحتدمة. ومن المنتظر ان يكون اللقاء حاسما في انهاء الازمة او تأجيجها. وقال حمة الهمامي القيادي في "جبهة الانقاذ" التي تضم اغلب احزاب المعارضة تعليقا على تصريحات الجبالي ان المعارضة لن تتفاوض مع حركة "النهضة" الا بعد حل الحكومة الحالية فعليا. ودعت "جبهة الانقاذ" في بيان اليوم الى بدء حملة لطرد المحافظين الذي عينتهم "النهضة" في كل مناطق الجمهورية، وقالت انها ستواصل حشد الجهود حتى اسقاط الحكومة. وفي مصر حدد النفوذ العسكري مصير حكومة الإسلاميين، لكن في تونس قد يتضح أن نفوذ الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم 600 ألف عضو هو عامل الحسم. فإضراب يوم واحد يمكن ان يكلف البلاد مئات الملايين من الدولارات. وقد يكون الجيش التونسي لعب دورا في الإطاحة بزين العابدين بن علي برفضه إطلاق النار على المتظاهرين، لكنه على عكس الجيش المصري لم يتدخل في السياسة. وجيش تونس ليس أمامه خيوط تذكر يمكنه جذبها، كما انه على عكس الجيش المصري لا يتمتع بمزايا اقتصادية يسعى لحمايتها. ووصل وزير الخارجية الالماني جيدو فيسترفله الى تونس اليوم في مسعى لانهاء الازمة وهي أول زيارة لمسؤول اوروبي رفيع منذ اندلاع الازمة قبل ثلاثة اسابيع. وسيجتمع وزير الخارجية الالماني مع الرئيس منصف المرزوقي ورئيس الوزراء ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي ومعارضين. وقال الرئيس التونسي إنه يأمل في إيجاد حلول سياسية لما يجري في مصر وإن أحداث مصر يجب أن تحث الأطراف السياسية في تونس على تكثيف الحوار. وقالت وزارة الشؤون الدينية في بيان انه "يجب استخلاص الدرس من احداث مصر والحفاظ على امن واستقرار تونس ورفض خطط الفوضويين والانقلابيين". ويخشى الغرب والتونسيون ايضا من انتقال سيناريو العنف والفوضى المصري الى تونس التي كان ينظر اليها قبل وقت قصير على انها نموذج للانتقال الديموقراطي الهادئ في المنطقة. وأعلنت الحكومة المصرية اليوم الاربعاء حالة الطواريء وفرضت حظر التجول في العاصمة ومدن أخرى بعد مقتل عشرات الأشخاص إثر تحرك قوات الامن لفض اعتصامين لمؤيدي مرسي. وفتحت القوات النار على المتظاهرين الذين اشتبكوا معها في مشاهد عنف أثارت الفوضى في مناطق بالقاهرة وبدا من المؤكد أن تزيد حالة الاستقطاب في البلاد بين مؤيدي مرسي ومعارضيه.