تعهد الرئيس المصري الموقت عدلي منصور أمس المضي قدماًً في خريطة الطريق التي كان حددها الجيش وقوى سياسية ومجتمعية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي مطلع الشهر الماضي، كما وعد خلال الاجتماع الأول للمحافظين الجدد الذي أدوا اليمين القانونية أمامه أمس ب «فرض القانون بمنتهى الحسم»، فيما أبدت جماعة «الإخوان المسلمين» استعدادها للتعاطي مع أية مبادرات تطرحها مؤسسة الأزهر تحت سقف «عودة الشرعية الدستورية»، كما اشترطت أن لا يطرحها شيخ الأزهر أحمد الطيب بسبب ما وصفته ب «مشاركته في الانقلاب العسكري». ونقل الناطق باسم الرئاسة أحمد المسلماني عن منصور تأكيده خلال اجتماعه مع المحافظين، أن «الدولة قوية وهيبتها مصانة ولن نسمح بكسرها أو الخروج عليها»، مشدداً على أن «الحكومة ملتزمة بخريطة الطريق وسيتم فرض القانون بمنتهى الحسم»، الأمر الذي رد عليه «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» بتأكيد «التمسك بعودة الشرعية والدستور». ويجتمع شيخ الأزهر اليوم مع عدد من القوى السياسية للبحث في مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها مصر، وهو الاجتماع الذي ستغيب عنه جماعة «الإخوان». وقال نائب رئيس حزب «الوطن» السلفي المنخرط في تحالف «الإخوان» يسري حماد: «نرحب بأية مبادرات يتبناها الأزهر بعيداً من شيخه الأمام الأكبر». وأوضح ل «الحياة»: «تلقينا دعوة إلى اجتماع قوى سياسية اليوم للبحث في حل سياسي، لكن من دون جدول أعمال أو أجندة عمل». ونفى أن يكون طرح عليهم «أية مبادرات»، قائلاً: «نرحب بأية مبادرات يتبناها الأزهر. هناك مشيخة وهيئة كبار العلماء، أما أن يتدخل أشخاص كانوا جزءاً من الأزمة التي نعيشها، فهذا مرفوض». وشدد على أن «أي مبادرة تطرح يجب أن تقوم على الشرعية والدستور». مشيراً إلى أن «التحالف يرحب بعرض الأمر على الشعب في استفتاء... يمكن أن نعرض على الشعب حرية الاختيار بين خريطة الطريق التي كان وضعها الجيش أو خريطة طريق أخرى يمكن الاتفاق عليها وتقوم على الشرعية والدستور». حركة المحافظين وأعلنت أمس حركة تغييرات واسعة في المحافظين. وأدى 25 محافظاً اليمين أمام الرئيس الموقت، فيما أرجئ إعلان محافظين اثنين بعد انتقادات لتسمية مرشحين على خلفية ارتباطهما بالحزب الوطني المنحل الحاكم سابقاً. واجتمع منصور مع المحافظين في حضور نائبه للشؤون الدولية محمد البرادعي ورئيس الحكومة حازم الببلاوي وعدد من الوزراء. وشملت الحركة تغيير 18 محافظاً والإبقاء على 7 من القدامى، كما ضمت 11 محافظاً عسكرياً وهو ما يعني رفع حصة اللواءات السابقين 3 محافظين مقارنة بآخر حركة محافظين أجراها الرئيس المعزول وضمت 8 عسكريين. وتولى محافظة القاهرة وزير النقل السابق جلال السعيد، كما ضمت الحركة اثنين من القضاة هما رئيس نادي قضاة الإسكندرية عزت عجوة محافظاً لكفر الشيخ ومجدي البتيتي محافظاً لبني سويف، وشملت تعيين 9 نواب للمحافظين. وبدا أن حركة تغييرات المحافظين لم تلبِّ طموحات المؤيدين قبل جماعة «الإخوان» وحلفائها، إذ رأى القيادي في حركة «تمرد» محمد عبدالعزيز أن حركة المحافظين الجديدة «ليست الأفضل ولا الأكثر تعبيراً عن مصر بعد الثورة». لكنه أكد أن «حرص تمرد على نجاح المرحلة الانتقالية باعتبارها مرحلة موقتة يجعلها ترضى عن بعض الأسماء غير المعبرة عن خط الثورة... من واجبنا أن ندفع المرحلة الانتقالية إلى الأمام، خصوصاً في ظل الوضع الأمني والسياسي المرتبك». ملامح التعديلات الدستورية على صعيد آخر، بدا واضحاً أن الأيام المقبلة ستشهد صداماً عنيفاً بين الحكم الموقت والتيار الإسلامي على خلفية عملية صياغة التعديلات على الدستور الذي عطله الجيش موقتاً، فبعد يوم من انتقاد حزب «النور» السلفي معايير اختيار لجنة «الحوار المجتمعي» التي تضم 50 شخصية ويفترض أن تبدأ عملها قبل نهاية الشهر، وتشديده على ضرورة ألا تطاول التعديلات الدستورية مواد تفسير الشريعة في الدستور، كشف مستشار الرئيس للشؤون الدستورية مقرر لجنة خبراء تعديل الدستور علي عوض أنه «لن يتم المساس بالمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع»، لكنه رجّح إلغاء المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة، والتي طالب «النور» بالحفاظ عليها إضافة إلى المادة الرابعة التي تلزم بأخذ رأي الأزهر في الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية. ولفت عوض خلال مؤتمر صحافي عقده أمس إلى أن «المواد المتعلقة بالمحكمة الدستورية العليا ستكون محل تعديل، خصوصاً أن موادها في دستور 2012 المعطل كانت صعبة»، مشيراً إلى أن «لجنة الخبراء تعكف الآن على دراسة كل المقترحات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية، أما شكل نظام الحكم وإلغاء مجلس الشورى من عدمه فلم يتحدد إلى الآن». وشدد على «ضرورة مشاركة كل التيارات السياسية، بما فيها الإسلام السياسي، في لجنة الخمسين» التي ستضع الدستور المعدل، لافتاً إلى أن «التعديلات قد تشمل كثيراً من مواد الدستور ومحصلة عمل اللجنة قد تسفر عن صياغة دستور جديد». وأوضح أن «اللجنة تتلقى اقتراحات كثيرة بإلغاء مجلس الشورى، وقصر البرلمان على غرفة واحدة». وكان «النور» قال في بيان مساء أول من أمس، إنه لا يمانع في المشاركة في لجنة الخمسين لتعديل الدستور شرط أن يتوافر فيها عدد من الالتزامات، مبدياً اعتراضه على إتمام التعديلات الدستورية في ظل رئيس معين ومن طريق لجنة يهيمن على أعمالها أفراد معينون من قبل الرئيس نفسه. وقال الحزب إنه سبق أن أبدى اعتراضات «على طريقة تنفيذ خريطة الطريق التي انحرفت بها عن مقاصدها فسيطر فصيل واحد على مقاليد الأمور واجتهد في صبغ الحياة السياسية بلونه الخاص، إلا أن أخطر هذه الانحرافات هو ما شاب عملية تعديل الدستور». وأردف: «كان من المنطقي انتظار وجود أي كيان منتخب قبل البدء في تعديل دستور مستفتى عليه». وسجل اعتراضه على «جو التكتم الذي جرى فيه عمل لجنة العشرة، في حين كانت مناقشات تأسيسية دستور 2012 تنقل على الهواء ومع هذا اتهمت من معارضة الأمس - حكومة اليوم بأنها اختطفت الدستور». واستنكر «تفويض الرئيس الموقت رئيس الوزراء في تحديد معايير لجنة الخمسين والتي آلت في النهاية إلى تهميش الأحزاب السياسية (خمسة من خمسين)، على رغم أن الأحزاب هي عماد النظم السياسية المستقرة، وكأن الحكومة الحالية تنتهج نهج نظام حسني مبارك نفسه في إضعاف دور الأحزاب». وشدد على أن «تعديل دستور 2012 يعني أن المواد الأساسية التي قام عليها الدستور لا يمكن تعديلها وإلا صار هذا بمنزلة الإلغاء، وعلى رأس هذه المواد المادة الأولى الخاصة بانتماء الدولة المصرية، ومواد الهوية أرقام 2 و4 و81 و219». ورأى أن هذه المواد تعهد المسؤولون عن العملة الانتقالية «عدم المساس بها... ومن ثم صار هذا التعهد التزاماً أخلاقياً وسياسياً يستحيل استمرار اعتبار خريطة الطريق معبرة عن ضرورة شعبية وتوافق سياسي من دون الوفاء به». كما أكد رفضه تعديل مادة تأسيس الأحزاب لمنع قيامها على أساس ديني. في غضون ذلك، حددت محكمة استئناف القاهرة السابع من الشهر المقبل لبدء أولى جلسات محاكمة القياديين في «الإخوان» محمد البلتاجي وصفوت حجازي والعضوين في الجماعة محمد الزناتي وعبدالعظيم إبراهيم «لقيامهم باختطاف ضابط وأمين شرطة واحتجازهما قسراً وتعذيبهما داخل مقر اعتصام «الإخوان» في منطقة رابعة العدوية». وكانت النيابة أسندت إلى المتهمين الأربعة اتهامات تتعلق ب «إدارة تشكيل عصابي بغرض الدعوة إلى تعطيل أحكام القانون ومنع السلطات العامة من ممارسة أعمالها، ومقاومة السلطات، والبلطجة، والشروع في قتل شرطيين».