في وقت بدأت اللجنة المكلفة تعديل الدستور المصري تلقي اقتراحات من القوى السياسية للتعديلات المرتقبة، علمت «الحياة» أن السلطات عاودت فرض قيود على تلقي جماعة «الإخوان المسلمين» تمويلاً من الخارج، في محاولة لتقويض حركة الجماعة التي تعتمد في شكل كبير على «تبرعات» أنصارها للإنفاق على تظاهراتها واعتصاماتها المطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي. وبدأت اللجنة القانونية التي عينها الرئيس الموقت عدلي منصور لإجراء تعديلات على الدستور المعطل بقرار من الجيش، في تلقي اقتراحات الأحزاب والقوى السياسية في شأن التعديلات المطلوبة. ويتوقع أن تجري اللجنة تعديلات واسعة قد تطاول غالبية مواد الدستور الذي صاغته جمعية تأسيسية هيمنت عليها جماعة «الإخوان» وحلفاؤها وكان تمريره أحد أسباب الاستقطاب. وكشف مسؤول أمني ل «الحياة» أن السلطات «فرضت بعض الإجراءات، لمتابعة وتقويض حركة أموال جماعة الإخوان»، موضحاً أنه «تم رصد تدفق للأموال من محسوبين على التنظيم الدولي إلى قيادات الإخوان في الداخل منذ منتصف الشهر الماضي، وهو ما تم استخدامه بعدها في تمويل التظاهرات والاعتصامات». وأشار إلى أن «ملايين الدولارات دخلت مصر من عدد من الدول، عبر حسابات لأشخاص لديهم صلات بالتنظيم الدولي»، لافتاً إلى أن «بعض تلك الأموال جاء عبر تحويلات إلى رجال أعمال من الإخوان، وبعضها الآخر جاء في صيغة تمويل لشركات عاملة في مصر». وأشار إلى أن «وحدة مكافحة غسل الأموال في وزارة الداخلية بالتعاون مع البنك المركزي بدأت في إجراءات لمتابعة ومراقبة تلك الأموال، ومن الممكن تحريك قضايا تبييض أموال ضد قيادات في الإخوان». وكانت محكمة جنايات القاهرة أرجأت إلى 21 آب (أغسطس) المقبل النظر في طلب التحفظ على أموال مرشد «الإخوان» محمد بديع ونوابه وعدد من قيادات قوى الإسلام السياسي، فيما حددت محكمة اليوم للنظر في طلب آخر للنائب العام بالتحفظ على أموال 14 من قيادات «الإخوان» و «الجماعة الإسلامية». وبدأت أمس «لجنة الخبراء» المكلفة تعديل الدستور المعطل عملها في مقر مجلس الشورى طبقاً للقرار الجمهوري الذي أصدره أمس الرئيس الموقت، على أن تنتهي من عملها خلال شهر. ويتوقع أن تدخل اللجنة التي تضم عشرة أعضاء هم ستة قضاة وأربعة من أساتذة القانون، تغييرات جذرية على الدستور. وكان مسؤولون أكدوا أن اللجنة لها صلاحيات تحديد المواد التي ترى تعديلها من دون قيود، وأن التعديلات قد تشمل غالبية مواد الدستور، كما يتوقع أن تصطدم قرارات اللجنة بمواقف حزب «النور» السلفي، لاسيما في حال أقدمت على حذف المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية في الدستور المعطل. وأكد مقرر اللجنة القاضي علي عوض صالح خلال مؤتمر صحافي أمس أن «أي اختلافات قد تطرأ حول أي مادة من المواد التي سيتم تعديلها سيتم الاحتكام لمبدأ الغالبية في التصويت داخل اللجنة، وأتوقع أن تتم التعديلات بتوافق كامل بعيداً من الخلاف بين أعضاء اللجنة». وشدد على أن «جميع أعضاء اللجنة تم اختيارهم بصفاتهم وليس بأسمائهم، وبالتالي لا يوجد رقيب عليهم سوى ضمائرهم». وأوضح أن اللجنة «لن تبدأ عملها من الصفر لأن هناك مواد في الدستور ثابتة لا يوجد خلاف عليها، وستبني على الموجود، لكنها إذا رأت أن التعديلات لا تكفي فلا يوجد ما يمنعها من إعداد دستور جديد». وأكد أن «الرئاسة لن تتدخل مطلقاً في عمل اللجنة التي تضم قامات دستورية وقانونية كبيرة»، مشيراً إلى أن «اللجنة لن يكون لها رئيس وستعمل بروح الفريق لإنجاز اقتراحاتها في الوقت الذي حدده الإعلان الدستوري». وكانت اللجنة قررت أمس تخصيص أسبوع يبدأ من اليوم لاستقبال اقتراحات المواطنين والأحزاب وكل الجهات في شأن التعديلات الدستورية المقترحة. وقال مقرر اللجنة خلال المؤتمر الصحافي إن «اللجنة في حال انعقاد دائم طوال الأسبوع عدا يومي الاثنين والخميس للانتهاء من مراجعة كل مواد الدستور والنظر في الاقتراحات ذات الصلة». وأشار إلى أن «مجلس الشورى خصص الأجهزة المعاونة لاستقبال الاقتراحات وتسهيل عمل اللجنة»، لافتاً إلى أن اجتماع اللجنة أمس كان «لتحديد آلية عمل اللجنة التي سيبدأ عملها فعلياً الثلثاء». وأطلقت حركة «تمرد» أمس حملة شعبية شعارها «اكتب دستورك»، لحض المصريين على المشاركة في وضع الدستور الجديد. وقال الناطق باسم الحركة محمود بدر إن «الفترة المقبلة ستشهد نشاطاً مكثفاً لمبادرة اكتب دستورك في الشارع في القاهرة والمحافظات». وأشار إلى أن «المبادرة بدأت عبر الإنترنت من خلال تلقي اقتراحات الشعب المصري على الموقع الرسمي للحملة». وأعلنت «حركة شباب 6 أبريل» اعتزامها تقديم طلبات للجنة الدستور لتعديل مواد المنظمات السياسية وإلغاء الأحزاب الدينية. وأوضح الناطق باسم الحركة محمد عادل أن «من أهم المواد التي ستتقدم الحركة بطلب تعديلها هي منع قيام الأحزاب الدينية وكذلك السماح بحرية تكوين المنظمات السياسية إلى جوار الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية، وهو ما سيفتح المجال أمام تطوير العمل السياسي والشبابي في مصر، كما سنتقدم بطلبات لتعديل مواد الحريات العامة والنقابية». ودعا رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات اللجنة القانونية إلى عقد جلسة استماع مجمعة للأعضاء المنسحبين من الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور المعطل «لأنهم أدرى الناس بالدستور وما تم سلقه من مواد لذلك انسحبوا من التأسيسية لما رأوه من انتهاكات واضحة». واعتبر أن الأعضاء المنسحبين من الجمعية التأسيسية «لكل منهم تحفظاته وأسبابه التي دعته إلى الانسحاب وكلها ستصب في النهاية لمصلحة ما يتم الآن من تعديل لهذا الدستور، خصوصاً أن هناك مواداً بعينها هم يعرفونها كان يحدث فيها استعجال من جانب جماعة الإخوان لإقرارها، كما أنهم على دراية تامة بالمواد التي لم تأخذ حقها في الصياغة والمراجعة». وأكد أنه «كان ينبغي وضع دستور جديد للبلاد لكن المرحلة الانتقالية فرضت علينا هذا الوضع». إلى ذلك، يستعد رئيس الحكومة حازم الببلاوي لإعلان حركة تغييرات في المحافظين يتوقع أن تكون واسعة وتتضمن إقالة كل قيادات «الإخوان» وحلفائهم الذين شغلوا نحو 15 محافظة، إضافة إلى تعيين محافظين في بعض المحافظات الشاغرة. وكان الببلاوي دعا مساء أول من أمس إلى إنهاء الانقسامات، وقال إنه «ربما تكون هناك حاجة لاتخاذ إجراءات صارمة لإنعاش الاقتصاد». ونقلت وكالة «رويترز» عن الببلاوي دعوته خلال مقابلة في التلفزيون الرسمي إلى حوار بين الأحزاب، ما رفضته جماعة «الإخوان» على لسان الناطق باسمها جهاد الحداد. وأضاف الببلاوي: «لابد من إعادة الأمن إلى شوارع مصر» بعد احتجاجات شعبية استمرت أسابيع. ورأى أن «مصر أكثر أهمية للعالم مما كنا نعتقد وتستحق الكثير من المصريين». وأكد أن حكومته «تضع الأساس لما هو قادم»، وأنه طلب من وزرائه «أن يشرحوا في شكل واضح المشاكل الكثيرة التي تحيط بمصر». وسُئل عما إذا كان سيتم فرض إجراءات تقشفية فقال انه قد يحدث ذلك من دون أن يدلي بتفاصيل. وقال إن مصر تدخل في مرحلة أقرب لمرحلة الحرب لوقف النزيف وإعادة النشاط الاقتصادي.