لا يزال الجدل مشتعلاً بين علماء الدين حول فتوى إباحة إفطار الرياضيين المسلمين خلال شهر رمضان في المباريات الحساسة، وزاد الأزمة اشتعالاً فتوى مصرية أباحت إفطار لاعبي كرة القدم أثناء المباريات الرسمية التي لا يمكن لهم الاعتذار عنها، ومنها مباراة مصر ورواندا ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا المؤهلة لكأس العالم التي أُقيمت عصر أمس السبت. وقال رئيس أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية محمد وسام: «الأصل أن صيام رمضان واجب على كل من يستطيعه، ولذلك لا يجوز لأي مسلم أن يفطر إلا بعذر شرعي صحيح، موضحاً أنه من الأعذار الشرعية التي اتفق عليها العلماء، السفر، ما يبيح إفطار لاعبي المنتخب المصري الذي لعب مع رواندا». على جانب آخر، أعطى مفتي رواندا الرخصة للاعبي منتخب بلاده بالإفطار في مباراة الأمس، وقالت صحيفة «ذا نيو تايمز» الرواندية إن مفتي رواندا صواليح هابيمانا منح الرخصة للاعبين المسلمين في المنتخب أمثال سادو وهارونا نيونزيما وعبيدي موليندا وحمد نديكومانا بالإفطار. ردود متباينة تباينت الردود حول الفتوى التي تفاوتت نقاط ارتكازها بين السماح بالإفطار على أساس «عذر السفر» وبين إباحته على اعتبار أن الرياضي الذي يتقاضى أموالاً بسبب اللعب يمكن معاملته معاملة «الأجير» الذي يجوز له الإفطار إذا كان يخشى تأثر عمله بالصيام، إلا أن جبهة علماء الأزهر شنت هجوماً حاداً على من يفتي بأحقية لاعبي كرة القدم والألعاب الأخرى بالإفطار خلال نهار رمضان، بحجة أن أنديتهم تجبرهم على ذلك، وأن الامتناع عن الإفطار قد يعرضهم لقطع أرزاقهم باعتبار أن تلك الألعاب هي مصدر دخلهم الوحيد وفق تعاقداتهم مع الأندية. وأصدرت جبهة علماء الأزهر بياناً عنوانه «اللعب على جميع أحواله هو اللعب» حذرت فيه اللاعبين من عدم الصيام، واعتبرت لعب الكرة لهواً لا يرخص لصاحبه عدم الصوم، مشيرة إلى أن من يقول بأحقية اللاعب في الإفطار يستهزئ بأحكام الله، وبأحاديث رسوله. وتزامنت هذه الأزمة مع تصعيد كبير من الأندية الأوروبية تجاه اللاعبين المسلمين في صفوفها، إذ منع بعض الأندية صوم اللاعبين مثل ريال مدريد الأسباني، فيما قررت أندية أخرى معاقبة اللاعبين الصائمين بعدم إشراكهم. مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري قال في تصريحات خاصة إلى «الحياة»: «نحن نشجع الرياضة ولسنا ضدها، ولكنها ليست مبرراً للإفطار، وهناك من يلعب وهو صائم وهو أفضل له، كما أن المجاهدين المسلمين خاضوا معارك وغزوات وهم صائمون ووفقهم الله وجزاهم بصومهم خيراً». وأعرب الشيخ عكرمة عن أسفه لانشغال الأمة الإسلامية بقضايا فرعية وترك القضايا الكبرى التي تهم سائر المسلمين. ويتفق معه الأستاذ في جامعة الأزهر فرحات المنجي الذي يطالب المسؤولين عن تنظيم المسابقات الرياضية بتجنب إقامتها في الشهر الفضيل، لكنه استثنى اللاعبين المسلمين المحترفين في أوروبا، والذين تجبرهم أنديتهم على الإفطار، مؤكداً أنهم مكرهون ويمكنهم التعويض بعد رمضان، وهاجم «جبهة علماء الأزهر» مشيراً إلى أن آراءها دائماً متشددة، وتهاجم أي فتوى لدار الإفتاء المصرية. كما يؤكد مدير الدعوة في محافظة الجيزة المصرية سابقاً محمد حافظ أن اللعب ليس عذراً شرعياً للإفطار، إذ يمكن إقامة المباريات والمنافسات الرياضية في أي وقت آخر غير رمضان. فيما يرى الداعية الإسلامي رئيس قناة أزهري خالد الجندي أن الرياضة صارت مهنة كسائر المهن، إذ ان اللاعب المحترف لا يتقاضى أجراً من أية جهة أخرى إلا من ناديه في مقابل أدائه المباريات، إذاً هي من الأعمال الشاقة التي لو جاءت في وقت الصوم؛ فإنه يجوز لمن يمارسها الإفطار؛ تجنباً لأية مشكلات صحية. يتفق معه الأستاذ في جامعة الأزهر عبدالغفار هلال مطالباً أن يكون للطب رأيه في هذا الموضوع لكشف خطورة صوم اللاعب من عدمه، لأنه لو لم يكن الصوم مضراً، فأولى باللاعب أن يصوم، وأشار إلى أن اللاعب المحترف في أوروبا معذور في الإفطار، لأن الكرة مصدر رزقه، ولو عارض أمر ناديه، قد ينقطع رزقه. وحول الرأي القائل بجواز إفطار اللاعبين يقول المسؤول عن الاستشارات الشرعية في قناة «أنا» الفضائية محمد البنا: «إن إفطار اللاعب في نهار رمضان يجوز في حال كونه على سفر، أو في حال إقرار الأطباء بأن حاله الصحية معرضة للخطر، إذا ما بذل جهداً كبيراً خلال اللعب وهو صائم.