لا يزال طرفا الأزمة في مصر متمسكين بموافقهما وسط جمود جهود الوساطة الدولية والمحلية التي استمرت على مدار الشهر الماضي لكنها لم تثمر نتيجة، ما ينذر بخطر مواجهة بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وسلطات الحكم الموقت. ويصر أنصار مرسي على عودته إلى الحكم وعودة الدستور المعطل ومجلس الشورى المنحل الذي يهيمن عليه الإسلاميون، فيما يتمسك الحكم الموقت بخريطة الطريق التي صاغها الجيش بالاتفاق مع قوى سياسية ومجتمعية وعزل مرسي على أساسها. وبعد جولات وساطة انخرط فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والإمارات وقطر، ومبادرات طرحتها شخصيات عامة في مصر مقربة من جماعة «الإخوان المسلمين»، ساد الجمود جهود حل الأزمة. وقال القيادي في «الجماعة الإسلامية» المتحالفة مع «الإخوان» محمد ياسين ل «الحياة» إن التحالف المؤيد لمرسي متمسك بعودته إلى الحكم ويرى أن تنفيذ هذا المطلب هو «أساس أي حل، لكن الفريق الحاكم بكل توجهاته يرفض هذا المطلب». ورأى أن تنفيذ هذا المطلب «صعب جداً لكنه ليس مستحيلاً، لأن القائمين على الحكم الآن لن يقبلوا بعودة مرسي ولو صورياً». ولا تتصور قوى سياسية عدة وقطاع عريض من الشعب المصري أي فرصة لعودة مرسي إلى الحكم، كما أن غالبية مؤسسات الدولة باتت في صراع مع «الإخوان». لكن ياسين يرى أنه «ما دامت هناك مفاوضات، فكل الاحتمالات واردة، لكن المشكلة أن الجمود أصبح سيد الموقف... جاء مفاوضون كثر، وكل فريق متمسك بمطالبه». وشدد على أنه لا «يمكن أن يحقق طرف واحد كل مطالبه، ولابد من تنازلات متبادلة حتى تسير الأمور في اتجاه الوصول إلى حل، يمكن أن تكون مسألة سلطات الرئيس مثلاً محل تفاوض في حال القبول بعودة مرسي، أو طرح الأمر برمته على استفتاء شعبي لنحتكم إلى قرار الناس». وأوضح أن «التحالف لن يتفاوض إلا على عودة مرسي ولا حديث مطلقاً عن خروج آمن، وهذا المطلب ليس مناورة كما يظن كثيرون، لكنه مطلب حقيقي. الحشود المؤيدة للشرعية لن تنصرف إلا بحل يضمن احترام الشرعية، وحقيقة الأمر أننا أصبحنا لا نستطيع أن نطلب من الناس مغادرة الميادين من دون عودة مرسي». وقال: «الآن الناس صامدون في (اعتصامي) رابعة العدوية والنهضة والمحافظات، والتحذيرات مستمرة بفض الاعتصام ولا جديد، وهذا وضع في منتهى الخطورة». وكشف أن «الضمانات» كانت عقبة أمام المفاوضات. وقال: «لا ضمانات حقيقية في ظل وجود النظام الحالي. من الذي يضمن ألا يغدر الحكم الحالي بأي اتفاق. هذا هاجس أساسي، حتى حين تتحدث عن خروج آمن، فمن يضمن تنفيذه؟». وأضاف أن «مسألة الضمانات عقبة رئيسة تحدث عنها الوسطاء مع مرسي و(نائب مرشد «الإخوان») خيرت الشاطر». وأوضح: «بعد توقف الوساطة أصبحنا ندور في حلقة مفرغة، والواقع يقول إن الأمور تسير في اتجاه التجميد باستمرار، ومن دون اتصال سيتحول هذا الجمود إلى صدام، وقد تحدث مذابح ولا تُفض الاعتصامات». في المقابل، يتمسك الحكم الموقت بخريطة الطريق ويرى أيضاً أن الأوضاع الحالية تحمل مخاطر عبر عنها رئيس الوزراء حازم الببلاوي الذي قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إن «الحكومة تريد إعطاء فرصة للمعتصمين (المؤيدين لمرسي) خصوصاً العقلاء منهم للتصالح والإنصات لصوت العقل (لكن) الأمور تكاد تقترب من اللحظات التي لا أرجو أن نصل إليها». وشدد على أنه «لا تصالح مع العنف ولا تفاوض مع السلاح». وكلفت الحكومة وزارة الداخلية فض اعتصامات أنصار مرسي التي قالت إنها «تشكل خطراً على الأمن القومي». وتقول أوساط رسمية إن اعتصامات أنصار مرسي ليست سلمية بل مُسلحة. ويترقب المصريون فض الاعتصامات بالقوة بعد عطلة الأعياد، خصوصاً بعد إعلان رئاسة الجمهورية فشل الوساطات الدولية. ورفض الببلاوي تدخل دول أجنبية في شؤون مصر الداخلية. وقال: «لا يجوز لأي دولة مهما كانت أن تتدخل في شأن دولة مثل مصر لها سيادة. إتاحة الفرصة للآخرين ليعرفوا الحقيقة لا تعني أن يفرضوا رأيهم». وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الرئيس الموقت عدلي منصور تلقى برقية تهنئة من الرئيس الأميركي باراك أوباما لمناسبة عيد الفطر. وناشد الرئيس التركي عبدالله غُل الحكومة المصرية العودة بالبلاد سريعاً إلى «حكم ديموقراطي» والسماح لجميع الأطراف بالمشاركة في العملية السياسية. وحض في مقال نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» أمس السلطات المصرية على إطلاق سراح مرسي، لكنه لم يصل إلى حد المطالبة بإعادته إلى السلطة. ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب العنف. وقال إن «الشعب المصري انقسم تقريباً إلى معسكرين كل منهما يحشد في شكل خطير ضد الآخر. هذا الوضع مقلق وغير قابل للاستمرار». وأضاف أن «تركيا ساندت الانتفاضة عام 2011 على الرئيس السابق حسني مبارك وكذلك الانتخابات التي جاءت بمرسي للسلطة (لكن) للأسف فشلت الخطوة التاريخية باتجاه الديموقراطية في أقل من عامين. الانقلاب الذي أطاح مرسي أول رئيس مصري منتخب ديموقراطياً كان خروجاً واضحاً عن طريق التقدم بالبلاد».