سبّب انهيار أسعار المعادن الأولية في الشهور الأخيرة، صدمة ثقة لدى المستثمرين الدوليين، طاولت أيضاً شركات إنتاج المعادن الأولية. وكان المستثمرون أقبلوا بكثافة على إيداع أموالهم في قطاع التعدين، فيما يجب عليهم اليوم التأقلم مع الأوضاع العاصفة التي تشهدها شركات القطاع من دون إرادتها. ورصد خبراء سويسريون، تداعيات ثقيلة على شركات تعدين رائدة عالمياً، مثل شركة التعدين الأسترالية «نيوكريست مايننغ» الشهيرة دولياً، باستخراج الذهب الذي تراجعت أسعاره 32 في المئة في شكل غير متوقع. لذا، تنوي هذه الشركة التي لم تعرف أزمة مالية في تاريخها، خفض نسبة 20 في المئة من التكاليف حتى نهاية عام 2014. ولا يُستبعد أن تتخلص أيضاً من 25 في المئة من أصولها، التي يقدرها خبراء في سويسرا اعتبروا ما شهدته الشركة الأسوأ في تاريخ صناعة التعدين العالمية، بحوالى 5.2 بليون فرنك سويسري. ولا شك في أن ما يحصل مع هذه الشركة الأسترالية سينعكس سلباً على منافساتها، مثل «باريك غولد» و«نيومونت مايننغ» و«غولد فيلدز» التي ستتوصل عاجلاً أم آجلاً، إلى التخلص من بعض الأصول لضمان السيولة المالية لأعمالها. ويعتبر مؤشر «أركا غولد باغز أيندكس» مرآة لما يحصل واقعياً في عالم التعدين، لا سيما في قطاع الذهب، وهو تقلّب ارتفاعاً وانخفاضاً في السنوات العشر الأخيرة، مسجلاً 400 نقطة (أعلى مستوياته)، و102 (الأدنى منذ عام 2008). واستناداً إلى هذا المؤشر، تراجعت الأوضاع المالية لشركات التعدين الأصغر حجماً ومنها بعض الشركات السويسرية، بانخفاض قيمة أسهمها بين 65 و81 في المئة، في إطار المؤشر، ما يمكن أن يضع بعضها أمام إشهار إفلاسها. ووضع المستثمرون السويسريون حالياً 10 بلايين فرنك سويسري في خزائن شركات التعدين الأجنبية، خصوصاً تلك الموجودة في أستراليا وآسيا. ولا تكمن المشكلة، وفق التحليلات السويسرية، في استرجاع هذا المبلغ الاستثماري الضخم بل في التعامل مع أوضاع أسواق المعادن الأولية، التي يُرجح تحوّلها إلى أسوأ في الشهور المقبلة لخفض الخسائر! وفي نظرة إلى مسار أسعار أونصة الذهب، فهي سجلت 400 دولار في حزيران (يونيو) عام 2004، وقفزت إلى أعلى مستوياتها في حزيران عام 2011 مسجلة 1950 دولاراً، لتتراجع إلى 1200 دولار الشهر الماضي وهو أدنى مستوياتها. صحيح أن الاستثمار في الذهب لن يتوقف حول العالم، لكن المستثمرين الذين اشتروا أو سيشترون أسهم شركات التعدين، سيكون لديهم مطالب أخرى للاستثمار، أولها دعوة هذه الشركات إلى تقليص النفقات لضمان مردود أعلى على الأسهم.