يدخل لبنان عطلة عيد الفطر على وقع تصاعد الدعوات الى تسريع تشكيل الحكومة الجديدة، وأبرزها أمس من رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، الذي ارتقى درجة جديدة بموقفه مؤكداً أنه يدرس «كل الخيارات بما فيها تشكيل حكومة أمر واقع حيادية»، على رغم قوله «لا أريد أن أغامر»، بينما طالب مجلس المطارنة الموارنة بالإسراع في تشكيل حكومة «جديدة فاعلة قادرة على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليمية». وأقفل آخر أيام شهر رمضان على إصابة 4 جنود إسرائيليين بجروح جراء انفجار بدورية لهم توغلت داخل الأراضي اللبنانية مسافة 400 متر في منطقة اللبونة في جنوب لبنان، بعيد منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء، وفق بيان لقيادة الجيش اللبناني الذي تولى التحقيق في الحادث لتحديد نوع الانفجار بالتعاون مع قوات الأممالمتحدة في الجنوب (يونيفيل). وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية أن الانفجار هو كناية عن لغم رجحت أن يكون تم تفجيره من بعد باستخدام تقنية عالية، وأن الحادث وقع بعدما كان الجنود الإسرائيليون دخلوا المنطقة التي حصل فيها الانفجار أكثر من مرة. وبينما وصف ناطق باسم الجيش الإسرائيلي جروح الجنود الأربعة بين طفيفة ومتوسطة وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن «الجنود كانوا يدافعون عن الحدود»، اعتبر وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن التوغل الإسرائيلي «اعتداء سافر وخرق للقرار الدولي الرقم 1701»، معلناً نيته التقدم بشكوى الى مجلس الأمن «لإحاطته علماً به». وأعلنت «يونيفيل» في بيان أن «القوات المسلحة اللبنانية أبلغتها صباح أمس أن دورية للجيش الإسرائيلي تجاوزت الليلة الماضية الخط الأزرق في محيط منطقة اللبونة، وفي وقت لاحق حدث انفجار في المنطقة، تسبب بوقوع إصابات في صفوف بعض جنود الجيش الإسرائيلي». وأشارت «يونيفيل» الى أنها «بعد تلقي هذه المعلومات من القوات المسلحة اللبنانية، فتحت على الفور تحقيقاً حول ما ذكر عن انتهاك للقرار 1701، وهناك حالياً فريق تحقيق من يونيفيل في الموقع الذي أشار إليه الجيش اللبناني». وأعلنت أن جهدها «ينصب على التأكد من وجود أي آثار لانفجار محتمل أو نشاط آخر يمكن تحديده على الأرض، علماً أن المنطقة ذات تضاريس جبلية شديدة الانحدار وذات غطاء نباتي كثيف». وطالبت «يونيفيل الجيش الإسرائيلي بتزويدها تفاصيل عن أي حادث في المنطقة كما ذكر، وإذا كان الأمر قد حصل تحديد الموقع الدقيق للحادث. وسيتم توفير المزيد من التفاصيل الى وسائل الإعلام مع تقدم التحقيق». وواكب هذه التطورات تزايد الاهتمام بالأمن خلال عطلة عيد الفطر، لا سيما في طرابلس وصيدا، نظراً الى الصدامات التي كانتا شهدتاها في الأسابيع الماضية وبفعل كثرة الإشاعات حول إمكان حصول فلتان أمني في عاصمة الشمال كما حصل قبل يومين لكثرة انتشار المسلحين في زواريب المدينة وشوارعها، ما دفع بفاعلياتها الى رفع الصوت حيال ذلك. وكان وزير الداخلية مروان شربل ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي أمس اتخذت خلاله تدابير تقضي بتكثيف دوريات الجيش في محيط المساجد. وأكد شربل أن الأجهزة الأمنية «ستضرب بيد من حديد في طرابلس»، في رده على الإشاعات بإمكان تدهور الوضع فيها بعد العيد. وكان رئيس البرلمان نبيه بري قال أمام النواب في لقائه الأسبوعي معهم إنه «غير متفائل بقرب تشكيل الحكومة، والأمور لا تزال على حالها»، مؤكداً استمرار «التفاهم مع جنبلاط» (قاصداً موقف جنبلاط السابق المصرّ على حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها جميع الفرقاء بمن فيهم «حزب الله» وحركة «أمل»). وفي السياق نفسه قال رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد أثناء خروجه من اللقاء مع بري، إن «هناك مؤشرات الى أن السعودية لا تريد حكومة بعد، والحَكم لم يصفر صفارة الانطلاق للتأليف الحكومي». وفي المقابل، دعا زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق النائب فؤاد السنيورة، في بيان لتهنئة اللبنانيين بعيد الفطر، الى تسهيل الخطى المطلوبة لتشكيل الحكومة الجديدة «للانطلاق بلبنان نحو مشروع الدولة». وأكد رئيس «حزب الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل أن «الاستحقاقات المتعلقة بالوضع في سورية وبالوضع الاقتصادي والاجتماعي تستوجب تشكيل حكومة في أسرع وقت». وأدلى جنبلاط أمس بحديث ل «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية قال فيه إنه «مع طرح حكومة تكنوقراط حيادية في لبنان للخروج من دوامة الفراغ الحالية». ونصح جنبلاط الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله بالانسحاب من سورية «لأن العد العكسي للنظام السوري قد بدأ ويستحيل على هذا النظام أن يقمع الشعب السوري»، مشيراً الى تغيّرات ميدانية وقعت أمس. لكن جنبلاط قال رداً على سؤال عن تأليف حكومة أمر واقع بعد العيد: «لم أقل بعد العيد». إلا أنه قال إنه يتفق مع الطرح القائل بأن تخلو الحكومة من «حزب الله» و «المستقبل» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» والأحزاب. وعصراً التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور موفداً من جنبلاط. وقال المكتب الإعلامي الرئاسي إنه «بحث معه التطورات في شأن تشكيل حكومة جديدة ومساعدة النازحين السوريين». وكانت السفيرة الأميركية في بيروت قالت إثر جولة وداعية على كبار المسؤولين لمناسبة قرب مغادرتها لبنان، إن تدخل «حزب الله» في سورية يستدرج لبنان للصراع ويضعف الدولة»، وإنها أبلغت الوزير منصور أن بلادها تؤيد قرار الاتحاد الأوروبي وضع الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب على أنه رسالة واضحة بأن الحزب «لا يستطيع التصرف بمفرده وأن هناك تداعيات لتصرفاته». وتلقى سليمان وبري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برقيات تهنئة بعيد الفطر من الرئيس الأميركي باراك أوباما. أمنياً أوقفت القوى الأمنية أمس رجلاً وامرأة من التابعية السورية في الضاحية الجنوبية للاشتباه بعلاقتهما بالتفجيرات التي وقعت في منطقة البقاع (مجدل عنجر) ضد سيارات تابعة ل «حزب الله». وأشارت مصادر مطلعة الى أن التحقيق مع هؤلاء يشمل استطلاع علاقتهما بالتفجير الذي استهدف موقفاً للسيارات في بئر العبد في الضاحية الجنوبية وأدى الى سقوط 53 جريحاً، قبل زهاء 4 أسابيع.