أكدت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات المفتوحة التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع الأطراف الرئيسيين المعنيين بتأليفها أن منسوب التفاؤل بإمكان ولادة الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة بدأ يرتفع تدريجاً، وأن نهاية هذا الأسبوع يمكن أن تكون حاسمة في حال أدت اللقاءات التي يعقدها الحريري الى تطوير التفاهمات الجزئية الى اتفاقات نهائية تقود الى زيارته رئيس الجمهورية ميشال سليمان للبحث معه في التشكيلة الوزارية التي يفترض أن تأتي متناغمة مع الإيجابيات التي تحققت في الأيام الماضية. ولفتت المصادر الى أن الحريري يصر على عدم الدخول في تفاصيل ما آلت إليه اللقاءات الأخيرة، خصوصاً مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لأنه لا يريد تسليط الأضواء على التقدم الذي تحقق باعتبار أنه لا يزال في منتصف الطريق وهو في حاجة الى متابعة من أجل بلوغه نهايته السعيدة لتسريع ولادة الحكومة العتيدة. وذكرت أن البارز في البحث الجاري فضلاً عن أنه استعاد أجواء الثقة، انه «بحث متحرك ومرن يفتح الباب أمام البدائل عن عدد من الأفكار المطروحة». وتابعت المصادر أن من غير الجائز الركون الى التفاهمات الجزئية التي توصل إليها الحريري وبالتالي فإن الأخير ليس في وارد حرق المراحل فيما يستعد لجولة جديدة من اللقاءات أبرزها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري فور عودته من زيارته الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة وزعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الذي يلتقيه ظهر اليوم في «بيت الوسط» في أول لقاء مباشر بينهما منذ سنوات باعتبار أن اللقاءات السابقة كانت بروتوكولية في إطار المشاورات النيابية التي أجراها مع رؤساء الكتل النيابية فور تكليفه للمرة الثانية تأليف الحكومة بعد اعتذاره. واعتبرت أن لقاء الحريري وفرنجية سيسهم في تطبيع العلاقة بينهما إضافة الى البحث في تأليف الحكومة، مشيرة الى أن الحريري سيلتقي أيضاً قيادة «حزب الله» ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وحلفاءه في قوى 14 آذار. وعن الأجواء التي سادت اجتماعه مع عون الذي سيلتقيه قريباً للمرة الثانية في أقل من أسبوع، قالت إنهما أبديا انفتاحاً على التعاون لتسهيل تأليف الحكومة وإنهما تناولا في نقاشهما الأسماء والحقائب على قاعدة استعدادهما لتقديم تضحيات متبادلة تضع حداً للتجاذبات في شأن عملية التأليف ولمصلحة تثبيت الاستقرار السياسي في البلد. واستغربت المصادر ما تناقله بعض وسائل الإعلام من معلومات في شأن ما جرى في اللقاء ووصفتها بأنها غير دقيقة، مؤكدة أن النيات لديهما للتفاهم قائمة وهذا ما يدعو الى التفاؤل بالاقتراب من الاتفاق النهائي، لا سيما أن لا مصلحة لأحد في التعامل مع التفاهمات الجزئية وكأنها البديل من الاتفاق الناجز الذي يُجرى العمل من أجله. كما لاحظت أن أياً من الأطراف ليس في وارد التعاطي مع المؤشرات الإيجابية للقمة السعودية – السورية في خصوص الوضع الحكومي وكأنه يريد الالتفاف عليها وتفويت الفرصة على اللبنانيين في الإفادة منها لتوظيفها في الاتجاه الذي يساعد في التغلب على المشكلات التي ما زالت تؤخر تأليف الحكومة، مشيرة في هذا المجال الى أن الجميع بدأوا يفكرون أنهم لن يكونوا خارج التفاهم السعودي - السوري وهذا ما يفسر تفاعلهم الإيجابي للإسراع في تشكيلها. على صعيد آخر تفاعلت أمس حادثة الانفجار الذي وقع في بلدة طيرفلسيه في قضاء صور ليل أول من أمس والتي تقع جنوب نهر الليطاني في منطقة عمليات قوات الأممالمتحدة في الجنوب. وفيما قال بيان للجيش أن قذيفة انفجرت في أحد منازل البلدة، ما أدى الى جرح مواطن، ذكر شهود عيان أن عدد الجرحى ثلاثة. وتعددت الروايات حول كيفية وقوع الانفجار. لكن المعلومات الرسمية أفادت بأن مسؤول مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العقيد علي شحرور يرافقه قائد القطاع الغربي في القوات الدولية «يونيفيل» الجنرال كارملو تشيكو زارا مكان الانفجار حيث بقيت قوى من الجيش و «يونيفيل» هناك. وأعلنت الناطقة باسم «يونيفيل» ياسمينا بوزيان: «لا نزال في مرحلة تحليل المعلومات والبراهين». واكتفى «حزب الله» في بيان له بالإشارة الى «وقوع انفجار في كاراج تابع لمنزل أحد الإخوة، ما أدى الى إصابة أحد الأشخاص بجروح استدعت نقله الى المستشفى والتحقيق جار لمعرفة طبيعة الانفجار». وإذ نفت المصادر كافة مقتل أي شخص في الانفجار فإن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت مايكل وليامز قال بعد لقائه الحريري أمس: «نتابع عن كثب الموضوع في انتظار التحقيقات التي تجريها القوات الدولية والجيش اللبناني لأن الموضوع متعلق بالقرار 1701». وأعرب عن قلقه لوقوع الانفجار. وأطلق الانفجار سلسلة مواقف وتعليقات إسرائيلية. وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إن «حزب الله» يحوّل لبنان الى برميل بارود. ونفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات وهمية في أجواء جنوب لبنان. ودعت واشنطن أمس الى تطبيق «جميع الإجراءات» المفروضة ضمن قرار مجلس الأمن 1701، وعلى خلفية الانفجار في بلدة طيرفلسيه، واعتبرت أن الحادث يعكس «تهديد سلاح حزب الله المستمر لاستقرار لبنان والمنطقة». وأكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» أن «وجود مخازن أسلحة لحزب الله يعكس التهديد المستمر لسلاح الحزب على استقرار لبنان والمنطقة وخطر هذا السلاح على المدنيين». وأضاف أن حادث طيرفلسيه «يؤكد الحاجة الماسة والمستعجلة لوضع السلاح في لبنان تحت سلطة الدولة وحاجة المجتمع الدولي في الوقوف بالكامل وراء قوات «يونيفيل» ومهماتها». وجدد المسؤول دعوته جميع الأطراف «داخل لبنان وحوله للالتزام بواجباتهم ضمن القرار 1701، خصوصاً حظر تمرير السلاح»، مشيراً الى أن «السلاح الوحيد في لبنان يجب أن يخضع لسيطرة الجيش اللبناني أو أن يكون مرخصاً من يونيفيل»، ومعيداً التزام واشنطن دعم هذه القوات ومهماتها.