قبل أيام كنت في إحدى الدول المجاورة التي تمتلئ بالعمالة الوافدة من شرق آسيا، وتسيطر العمالة على معظم الأحياء القديمة فيها، ونظراً لأن قدومي كان بسبب دورة علمية وعملية وجدت من الوقت ما يسمح لي بزيارة معظم أحياء هذه البلدة. العجيب في الأمر هو الأنظمة الصارمة على الجميع تجاه رمي النفايات في أماكنها وفق التخصص، فهناك نفايات ذات لون معين لبقايا الأطعمة، وهناك نفايات أخرى بلون آخر للنفايات البترولية ومشتقاتها. لديهم رقابة على أماكن النفايات والالتزام بالقوانين التي شرعنوها، وهناك راجلة يعملون على التأكد من ذلك ومعاقبة من يتجاوز الأنظمة، وهنا إشارة مهمة نفتقدها في مجتمعنا وهي الرقابة الراجلة في كل شيء، فهي عين الرقيب الحقيقي والمنطقي ولها هيبة لا يعرفها إلا من عاصرها وعاصر رجالات «العسس». أعود لما بدأت به، وأشير إلى مسألة مهمة وهي نظافة الحاويات التي وضعها القوم ونضارتها التي تأتي من خلال تنظيف يومي ورشها بالمبيدات الملائمة للبيئة، لدرجة أنك قد تكون في مكالمة بالجوال ولا تدري إلا وأنت متكئ على حاوية من دون أن تعلم، فليس دونك بقعة، وليس هناك رائحة، والوضع يسر الناظرين. لدينا يا أحبه مشكلة في النفايات، نحن مجتمع استهلاكي، وثقافة رمي النفايات لدينا يشوبها خلل استراتيجي، ابتداءً من عدم وجود شركات تستثمر النفايات لدينا، كحال معظم الدول الراقية والمستهلكة للمنتجات المشتقة، وكما هو معلوم فإن الدول تطرح منافسات ومناقصات لاستثمار النفايات وإعادة تدويرها وتصنيعها، إلا أننا، مع الأسف، وعلى رغم أننا نملك ثروة عظيمة من مخلفات البشر إلا أن هناك قصوراً مقززاً من المسؤول، وأقصد به وزارة الشؤون البلدية والقروية التي لم تستثمر هذه الثروات المهدرة بشكل علمي وراقٍ ويعود بالنفع على المجتمع ومن يعيش فيه، أو على الأقل احترام ذائقتهم ومشاعرهم وأنوفهم، إضافة إلى غياب القوانين الرادعة لكل من تسول له نفسه إيذاء الوطن والمواطن والاعتداء عليه أو على بيئته، ويصاحبها في المسؤولية وزارة التربية والتعليم التي أخفقت في بث ثقافة التخلص من النفايات في المدارس أولاً التي تفتقد لأبسط مقومات زرع النظام والرقابة الذاتية والآلية من خلال كاميرات في أفنية وأروقة المدارس على أقل تقدير. لدينا مشكلة يجب معالجتها بشكل عاجل وراقٍ، عمالة النظافة نظراً لمحدودية دخولاتهم التي لا تتجاوز 400 ريال شهرياً امتهنوا التنظيف والوجود عند الإشارات والمتاجر لعل الله يرزقهم بمن يعينهم على إجحاف الشركة التي استقدمتهم ولم تعمل على تثقيفهم وتحفيزهم ومراقبتهم. آن الأوان أن يتحمل الجميع مسؤولياته، وأن تكون هناك عقوبات صارمة لكل من تسول له نفسه العبث بالوطن ومقدراته، سواء شركات أبرم معها عقود، مع الأسف، لم تفعل مضامينها واشتراطاتها، أو مواطنين شاهدهم الضيف المقيم هم أول من يسيء لمن حوله فقالوا لن نكون بأي حال أفضل من صاحب النزل. المناظر التي تشنف آذاننا وتجرحنا حين نرى أكوام النفايات وحولها عدد من البرك والقطط، خصوصاً حول المطاعم والمتاجر وغيرها، وأنا هنا أتساءل لماذا لا يفرض عليهم رسوم وآلية ونفايات وعمالة خاصة تقينا مصارع المرض، ومن يتأمل تلكم الأكوام وقد أمضت الساعات والساعات من دون أن يأتي من يميط أذاها أو يكف بأسه عنها يعلم أننا متأخرون كثيراً ونحتاج لبرامج وخطط تربوية واقتصادية تضمن لنا الحد الأدنى من البيئة الصالحة. عضو الجمعية السعودية الدعوية [email protected]