تسلم شهادة ميلادها ومواعيد تطعيمها وقائمة بالتعليمات التي يجب أن يتبعها للمحافظة عليها، إلى جانب قائمة بالطعام الذي يجب أن يقدموه لها، في مواعيد محددة، وأخذ صاحب المحل صورة أخيرة للقطة ليضعها في ألبوم خاص يحتفظ بين دفتيه بمجموعة من صور القطط التي يفخر باستيرادها والمتاجرة فيها. لم يصدق أحمد العويشير نفسه، وهو يلقي نظرة على شهادة ميلاد القطة الصغيرة التي اشتراها لابنته، وهي مختومة ومصدقة من جهة المنشأ، وتحمل اسم القطة، واسم والديها، ومكان وتاريخ ولادتها، وجدول بالتطعيمات التي يجب أن تأخذها، إلى جانب سعرها الذي تجاوز 1100 ريال. ويقول العويشير: «نجحت ابنتي بتفوق وحين سألتها عن الهدية التي ترغب فيها، أجابت بأنها تحلم بأن تقتني قطة بيضاء مثل التي تشاهدها في التلفاز، فأحببت أن ألبي لها رغبتها وتوجهت بعد نصيحة الأصدقاء لمحل بيع الحيوانات والطيور، لأنها تعد الأقل ضرراً على صحة الأطفال ويعتنون بها عناية خاصة، وصعقت من المبلغ المحدد لها، لكن إلحاح ابنتي على شرائها جعلني أستسلم وأدفع مبلغ 1100 ريال في مقابل قطة صغيرة، وحوض رمل، وطعام بسيط». وتفاجأ أحمد، بالتعليمات «الكثيرة» التي أعطاها له البائع، ومنها «لا تجعلها تستحم إلا بعد التطعيمة الأولى التي تأخذها في عيادة البيطري، وألا أقدم لها سوى الدجاج المشوي، وفي فترات محددة، وأن أجهز لها مكاناً لتقضي حاجتها فيه. إلى جانب عدم تعريضها للحرارة المرتفعة لأن ذلك سيوثر على شعرها فيتغير لونه ويذبل». أما أكثر ما أثار دهشة العويشير، فهو شهادة ميلاد القطة، وهي من الفصيلة الشيرازية، مضيفاً أن «المسألة ليست مزحة فهي كمولود جديد ينضم لأفراد عائلتي، وكنت أمازح زوجتي بأنه يجب أن نضيفها لسجل الأسرة، فشهادة الميلاد تحوي معلومات دقيقة عن اسم الأبوين، ومنشأهما، وتاريخ ولادة القطة بالساعة واليوم والشهر والسنة. إلى جانب معلومات محددة عن التطعيمات ومواعيدها. كما تضمنت التعليمات طريقة تنظيف أسنانها بمعجون وفرشاة وطرق تحميمها». وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي، وشبكة الإنترنت نشوء مزادات لبيع هذا النوع من القطط، وتعمد البائعون وضع صور ومشاهد فيديو مصورة، إلى جانب وضع شهادات الميلاد، وتحتدم المزايدات بحسب اسم البائع الذي وجد تزكية من بائعين معروفين للحيوانات الأليفة. فيما أنشأ المغرمون بتربية القطط مواقع على الإنترنت تهدف إلى «توعية وتثقيف الناس بطرق التعامل معها»، بحسب القائمين عليها. وأظهرت المواضيع التي تزدحم بها تلك المواقع وجود عدد كبير من المولعين بهذه الفكرة. وتحتل القطط الشيرازية المكانة الأكبر على قائمة اهتمام أعضاء تلك المواقع. وتعد سوق بيع القطط، خصوصاً المعروفة ب»الشيرازية» الرائجة في هذه الأيام، بحسب ما نقل صاحب محل بيع الحيوانات الأليفة علي الخاجة، الذي قال: «إن السعوديين توجهوا لاقتناء هذا النوع من القطط أخيراً، على رغم ارتفاع أسعاره بحسب الصنف منه»، مؤكداً أن «الإناث هن الأكثر تمسكاً باقتنائها، ويعدها البعض من ديكور البيت، وآخرون يشعرون بأنها من أفراد العائلة». وعن الأسعار المرتفعة يوضح الخاجة، أن هذه الفصيلة من القطط «تتميز بجمال الشكل، وكثافة الشعر ونعومته، إلى جانب العناية الشخصية والطبية التي تحظى بها، وهذا النوع من القطط مزاجه معتدل وغير عدواني، ويتميز بجمال الشكل بصورة عامة والعيون بصورة خاصة»، مضيفاً أن «سعر الإناث أعلى من الذكور، وكلما كان اللون فاتحاً كان السعر أعلى، والأبيض سيد الألوان والأكثر طلباً، خصوصاً إذا صاحبه زرقة في العينين». ويشير إلى قائمة بالحجوزات «تنتظر دورها منذ أشهر»، مضيفاً أن «هناك محال تبيع قططاً بيضاء وعيونها خضراء على أنها شيرازية، وهذا غش لأن هذا النوع من القطط ذي مواصفات خاصة، ولا يمكن أن تكون عيونه خضراء، لكن الغش وارد في التجارة»، موضحاً أن «كثيراً من الناس أصبحوا يقرؤون عن القطط الشيرازية قبل أن يقدموا على الشراء، وفاجأني مشترٍ قبل أيام بأن طلب مواصفات غاية في الدقة مثل عرض الوجه، وقصر الأرجل، ودرجات الألوان، وكثير من زبائننا يدفعون بقناعة، حتى مع اعتقاد البعض أن السعر مرتفع بالنسبة لقطة يمكن الحصول على شبيهتها في حاوية القمامة». ويعد عبد اللطيف الشاوي، اقتناء قط بهذا السعر «من البذخ المبالغ فيه»، مؤكداً أن «كثيراً من المنازل الشعبية كانت تحتضن قططاً يطلق عليها الآن قطط الشوارع، وكانت تتنقل في المنزل وتأكل من بقايا الطعام. وأتذكر أن بيت جدي كان فيه قطة لا تقترب من سفرة الطعام حتى ينتهي الجميع من الأكل ويقومون، وكان جدي إذا طردها من الغرفة تستجيب على الفور حتى أننا ظننا أنها مسكونة». كما يعتبر الشاوي، أسعار القطط بصورة عامة، والشيرازية على وجه الخصوص «مبالغاً فيها، والرابح الباعة الذين يحسنون الترويج لبضاعتهم»، ملقياً بالمسؤولية على «المسلسلات والأفلام التي روجت لهذه الفكرة، وربما تتحول الأنظار إلى الكلاب الصغيرة»، موضحاً أن «كل هذه الصور دخيلة على ثقافتنا ومجتمعنا، وهو تقليد أعمى للمشاهير وتأثيره واضح جداً».