توقعت مصادر مصرفية أن تلجأ المصارف في الإمارات إلى إطلاق «برامج إنقاذ» للمتعثرين في تسديد القروض العقارية، التي تراكمت بفعل عجز كثيرين من الملاكين عن تسديدها، جراء تداعيات أزمة المال العالمية، التي دفعت بمؤسسات خاصة وشبه حكومية، إلى تسريح موظفين أو خفض أجورهم لتقليص النفقات، ما تسبب بقصورٍ في القدرة الإنفاقية. وتأتي التدابير بعد ارتفاع إجمالي القروض العقارية المتعثرة في الإمارات نهاية العام الماضي 2 في المئة، وحصول بنك «باركليز» الأسبوع الماضي على أمر قضائي بتملك عقارات مملوكة لمقترضين متعثرين، ما يزيد الضغوط على القطاع العقاري المتداعي، الذي فقد اكثر من 50 في المئة من قيمته، منذ اندلاع الأزمة. ويخشى مستثمرون أن تحصل مصارف أخرى في الدولة على إذن قضائي لوضع يدها على عقارات يتعذّر على أصحابها دفع ما يستحق عليهم من قروض، ما يؤدي إلى ملاحقتهم قانونياً. ولجأت مصارف في الإمارات إلى زيادة مخصصات الديون المتعثرة خلال العام الماضي، بمعدل 68 في المئة مقارنة بما كانت في 2008، لترتفع إلى 32 بليون درهم (نحو 8.7 بليون دولار). وعلى رغم تأثر المصارف من ازدياد حجم القروض المتعثرة، غير أن مستشار المصارف الإسلامية في بنك دبي التجاري محمد الشاذلي، استبعد أن تقدم المصارف على نقل ملكية الوحدات المعثرة إليها، لأنها «لن تستفيد منها، لا سيما أن أسعار العقارات فقدت اكثر من نصف قيمتها، وأن فوائد القروض قد تدر أرباحاً اكبر على المصارف من نتائج بيع العقارات المتعثرة». وأكد تقرير أصدرته مؤسسة «اتش سي لأوراق المال»، أن «المعدلات المرتفعة لصافي دخل المصارف الإماراتية من الفائدة، قد يساهم في دعم أرباحها خلال العام الماضي». وأفاد محللون ومسؤولون في مصارف، أن المصارف الإماراتية، التي لديها تعرُّض كبير لسوق العقارات، يمكنها اللجوء إلى قانون محلي يتيح لها تملّك أصول لمقترضين متعثرين، لكنهم استبعدوا حالياً التوسع في اللجوء إلى القانون. وأشار الشاذلي إلى أن القروض العقارية المتعثرة في الإمارات، لم تصل إلى مرحلة الأزمة مثلما حصل في الولاياتالمتحدة أو أوروبا، كما أن بقية المصارف في الدولة ليست في عجلة لتحذو حذو مصرف «باركليز»، بخاصةٍ أنها تسعى إلى تجنب مزيد من الضغوط على سوق العقارات. وبحسب بيانات المصرف المركزي، بلغت قيمة القروض العقارية التي قدمتها المصارف العاملة في الدولة 138 بليون درهم (نحو 37.6 بليون دولار) نهاية آب (أغسطس) 2009، بزيادة 12 بليون درهم، مقارنة بقيمتها نهاية 2008 التي بلغت 125.8 بليون درهم. وتبلغ حصة القطاع العقاري 13 في المئة من إجمالي القروض المصرفية. ورجحت مصادر مصرفية أن يلجأ المصرف المركزي إلى شراء القروض العقارية المتعثرة من المصارف في حال زيادة حدتها، لكن الشاذلي لفت إلى أن شراء المركزي الإماراتي القروض العقارية المتعثرة أمرٌ «سيادي»، من شأنه أن يدعم القطاع المصرفي، الذي يعتبر من اكثر القطاعات تأثيراً في الاقتصاد. ورجح مصرفيون آخرون أن تلجأ مصارف إلى إطلاق «برامج إنقاذ» للديون، وإعادة تقويم الوضع المالي للعملاء الذين لم يسددوا قروضهم، قبل أن يُطلب إليهم أن يسددوا الفوائد فقط. وطالب مصرفيون بضرورة الفصل بين عملاء متعثرين لظروف خارجة عن إرادتهم جراء أزمة المال، ومضاربين عقاريين تسابقوا للحصول على قروض عقارية بغرض الربح السريع، ثم تعثروا في التسديد. وأكد مسؤول مصرفي أن المصارف المحلية، تراعي البعد الإنساني في التعامل مع المتعثرين. وعلى رغم استبعاد محللين ماليين زيادة لجوء المصارف إلى القضاء الإماراتي، أكدوا أن حصول «بنك «باركليز» على حكم للاستحواذ على عقارات لمتعثرين، يعتبر بداية لنضج قطاع الرهن العقاري في الإمارات، وحصول الممولين على حقوقهم القانونية.