استأنف الفلسطينيون والاسرائيليون مساء امس الاثنين في واشنطن المفاوضات المباشرة المتوقفة بينهما منذ 2010 برعاية الولاياتالمتحدة التي حثت الجانبين على التفاوض بحسن نية بهدف التوصل الى تسوية. وجلست رئيسة الوفد الاسرائيلي وزيرة العدل تسيبي ليفني بالقرب من كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في قاعة توماس جفرسون في وزارة الخارجية على مائدة افطار رمضاني اقامه وزير الخارجية جون كيري. وقال كيري وهو يرحب بضيوفه انها لحظة "مميزة جدا، جدا". واضاف مازحا "ليس هناك الكثير للحديث عنه"، بهدف كسر حالة البرود بين الجانبين. وشارك في الافطار عدد كبير من مساعدي كيري وليفني وعريقات ومن بينهم المبعوث الاميركي الخاص للمفاوضات السفير مارتن انديك. وبعد ستة عقود من النزاع وتعثرات متكررة في مسيرة عملية السلام المعقدة، رحب الرئيس الاميركي باراك اوباما باستئناف هذه المفاوضات معتبرا انها لحظة "واعدة"، الا انه حذر في الوقت نفسه من "خيارات صعبة" تنتظر الطرفين. وقال اوباما في بيان ان "الاكثر صعوبة لا يزال امامنا في هذه المفاوضات، وآمل ان يدخل الاسرائيليون والفلسطينيون هذه المحادثات بحسن نية وتصميم واهتمام كبيرين". ووضع اوباما حل النزاع ضمن اولويات سياسته الخارجية مع بدء ولايته الاولى في كانون الثاني/ يناير 2009 قبل ان تبوء جهوده بالفشل. واعرب اوباما عن "سعادته" لان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس وافقا على استئناف التحاور وارسال مفاوضين الى واشنطن. وقال اوباما "انها خطوة واعدة الى الامام حتى وان كان الامر سيتطلب عملا شاقا واتخاذ خيارات صعبة في المستقبل". وكانت مفاوضات ايلول/ سبتمبر 2010 توقفت بعد ثلاثة اسابيع فقط من بدئها بسبب مواصلة اسرائيل للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين. وخلال النهار، حثت الولاياتالمتحدة الجانبين على التفاوض ب"حسن نية" تمهيدا للتوصل الى "تسوية معقولة". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي ان الطرفين توافقا على اجراء مفاوضات لتسعة اشهر على الاقل. وقالت "انها بداية مفاوضات مباشرة وفق جدول زمني لتسعة اشهر على الاقل". اما وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي تمكن قبل عشرة ايام من اقناع الطرفين باستئناف المفاوضات بعد ان قام بست زيارات الى المنطقة، فقال ايضا ان "العملية ستكون صعبة" وحث الاسرائيليين والفلسطينيين على التوصل الى "تسوية معقولة" لانهاء هذا النزاع الطويل. وعين كيري السفير السابق في اسرائيل مارتن انديك موفدا خاصا لعملية السلام في الشرق الاوسط. وقال انديك انه لا يزال "مقتنعا منذ 40 عاما ان السلام ممكن". من جهتها توقعت ليفني التي تترأس الوفد الاسرائيلي المفاوض بان تكون المفاوضات "شاقة جدا ومعقدة". اما الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز فاعتبر ان الاثنين (امس) موعد بدء هذه المفاوضات هو "يوم خاص جدا" للشرق الاوسط، مضيفا "الشرق الاوسط في وضع عاصف. نامل في ان يتجاوز العاصفة ويرسو في ميناء السلام". وبعد الاعلان الرسمي مساء امس، ستتواصل المفاوضات اليوم بهدف "وضع خطة عمل تحدد كيفية اجراء المفاوضات خلال الاشهر القليلة المقبلة"، بحسب وزارة الخارجية. الا ان انطلاقة هذه المفاوضات تبدو هشة: فقرار الحكومة الاسرائيلية بالموافقة على اطلاق سراح 104 اسرى فلسطينيين معتقلين قبل العام 1993 والذي رحبت به السلطة الفلسطينية، جوبه بمواقف رافضة في اسرائيل. وقال عريقات لوكالة فرانس برس "نرحب بقرار الحكومة الاسرائيلية الافراج عن الاسرى المعتقلين قبل اتفاق اوسلو ونعتبرها خطوة مهمة ونأمل ان نتمكن من استغلال الفرصة التي وفرتها الجهود التي بذلتها الادارة الاميركية بالتوصل الى اتفاق سلام دائم وعادل وشامل بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي". اما صحيفة يديعوت احرونوت فعنونت صفحتها الاولى في عددها امس "سيطلق سراح المجرمين". واعتبرت صحيفة معاريف بعد ان نقلت ان من بين الذين سيفرج عنهم من دينوا بقتل نساء واطفال اسرائيليين، ان "الحكومة الاسرائيلية اختارت كالعادة اسوأ الحلول". وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قبل بدء جلسة الحكومة اول من امس الاحد "توجد اوقات تفرض اتخاذ قرارات صعبة لما فيه خير البلاد وهذا ما يحصل اليوم". وقبل ان توافق الحكومة الاسرائيلية على اطلاق سراح عدد من الاسرى الفلسطينيين اقرت مشروع قانون يقضي بعرض اي اتفاق سلام محتمل مع الفلسطينيين على استفتاء للموافقة عليه.