عادت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومعها الدور الأميركي، إلى الواجهة أمس باقدام وزير الخارجية الأميركي جون كيري على تعيين السفير السابق مارتن انديك مبعوثاً خاصاً لإدارة المفاوضات التي ستنطلق اليوم من العاصمة الأميركية. وسارع الرئيس باراك أوباما إلى إصدار بيان يرحب فيه بتعيين انديك وبإطلاق المفاوضات المباشرة اليوم، معتبراً أنها لحظة «واعدة»، لكنه حذّر أيضاً من «خيارات صعبة» تنتظر الطرفين. وقال إن «الشق الأصعب أمامنا، إنما لديّ أمل في أن الإسرائيليين والفلسطينيين سيتعاطون مع العملية بإيمان جيد وإصرار». وكان كيري أعلن أمس تعيين انديك، المسؤول والمفاوض السابق في إدارات الرئيس السابق بيل كلينتون، مبعوثاً خاصاً لعملية السلام، مشيداً ب «مهارته الديبلوماسية وواقعيته وعلاقته الجيدة مع الطرفين» الإسرائيلي والفلسطيني. ونوه بجهود استئناف المفاوضات المباشرة، مشيراً الى أن جزءاً كبيراً منها يعود إلى «زيارة أوباما في آذار (مارس)» الماضي و»التزامه القوي بهذه العملية». ولم يقلل من صعوبة عملية السلام، وقال للصحافيين: «ليس سراً أن المضي قدماً عملية صعبة. لو كانت سهلة لحدثت قبل وقت طويل». وأضاف: «لذلك ليس سراً أن أمام المفاوضين والزعماء كثير من الخيارات الصعبة مع سعينا الى تنازلات معقولة في قضايا صعبة ومعقدة ومحملة بالمشاعر والقيم الرمزية». من جانبه، قال انديك في تصريح، وهو يقف إلى جانب كيري: «أنا مقتنع منذ أربعين عاماً بأن السلام ممكن». واضاف، موجهاً كلامه الى كيري: «ولأنك واثق بأن ذلك ممكن، رفعتَ التحدي في الوقت الذي كانت غالبية الأشخاص تعتقد أنك تقوم بمهمة مستحيلة». يذكر أن انديك يتحدر من جذور أسترالية، وتجمعه علاقة جيدة مع القيادة الفلسطينية التي عاصرها فترة تتخطى 15 عاماً، واستمرت لقاءاته مع كبير المفاوضين صائب عريقات حتى بعد مغادرة الإدارة العام 2001. وأكد انديك أنه رغم العراقيل والصعوبات، فهو سيبذل كامل جهوده لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وكان المبعوث الجديد قال في مقابلة مع «الحياة» الشهر الماضي أن الجانب الأميركي بحاجة الى «وضع خطة للسلام تنبثق من المبادرة العربية للسلام» التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز عام 2002، لأن ذلك «يمنح الرئيس محمود عباس الغطاء العربي». وبدأت الاستعدادات الأميركية لإطلاق المفاوضات بعد إفطار رمضاني استضافه كيري في منزله في واشنطن مساء أمس جمع عريقات والوفد الإسرائيلي الذي يضم وزيرة القضاء تسيبي ليفني ومستشار رئيس الحكومة اسحق مولخو، كما حضره انديك ونائبه فرانك لونستين، وهو مستشار قديم لكيري. وسيتم اليوم إطلاق المفاوضات رسمياً من وزارة الخارجية الأميركية بعد جمود استمر ثلاث سنوات. ويعتمد كيري استراتيجية «الحوافز غير المعلنة» في إدارة العملية من خلال تقديم حوافز سياسية واقتصادية للجانبين باتجاه تنازلات أكبر في قضايا الحل النهائي، وذلك بعيداً عن الأضواء الإعلامية. وتتميز هذه الاستراتجية عن سابقاتها بدور مباشر من كيري، وعلاقة جيدة لانديك مع الطرفين الى جانب الدور الإقليمي. ومن المتوقع صدور بيان مشترك اليوم بعد إطلاق المفاوضات المباشرة. ورغم نجاح الجانب الأميركي في إطلاق المفاوضات، إلا أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أظهرا شكوكاً كبيرة ازاء فرص نجاح المفاوضات، في وقت أعلن كل من حركة «حماس» والجبهتين «الشعبية» و»الديموقراطية» وحزب «الشعب» رفض استئناف المفاوضات، وأطلقت «الشعبية» حملة شعبية لإسقاط اتفاق أوسلو والمفاوضات.