في وقت استمر العنف متنقلاً من منطقة إلى أخرى في ليبيا خلال الساعات الماضية، اعتبر رئيس الحكومة الموقتة علي زيدان أن التفجيرات التي استهدفت محكمة بنغازي الشمالية ومقر المحامي العام في عاصمة الشرق الليبي هي «رسالة واضحة أن المستهدف هو الوطن وثورة 17 فبراير سواء من عناصر النظام السابق أو أي عناصر أخرى ترى في الثورة خطراً عليها». ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن زيدان قوله في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي عبر قناة ليبيا الوطنية، أمس الإثنين، «إننا لا يمكننا أن نعالج هذا الأمر إلا بأن نكون أقوياء، بالإرادة والتضامن والاتحاد، بمحاولة فهم وإدراك ما يدور واتخاذ كل الإجراءات من أجل مواجهتها وبكل قوة وعزم وصرامة دون تردد، دون تلكؤ ودون إيجاد وسائل لتعليق هذا الأمر على أي شيء، غير إننا نحن مستهدفون والعدو سيستعمل كل الأسلحة من أجل دحر (ثورة) السابع عشر من فبراير». وجاء كلام زيدان في وقت استمر تصاعد حدة الاضطرابات الأمنية في بنغازي، مهد الثورة، إثر مقتل الناشط السياسي المناهض للإسلاميين عبدالسلام المساري بالإضافة إلى مسؤولَين عسكريَين الأسبوع الماضي، إذ قُتل ما لا يقل عن جندي واحد ليلة أول من أمس في اشتباك بمنطقة الجوش الغربية بين جماعة مسلحة وقوات خاصة تابعة للجيش الليبي، بعد ساعات على تفجيرات استهدفت مباني تستخدمها الهيئة القضائية. وقال الناطق باسم الغرفة الأمنية المشتركة لحماية بنغازي محمد الحجازي إن الاشتباكات اندلعت بين القوات الخاصة وجماعة مسلحة غير معروفة، وأن جندياً واحداً قُتل وأن القوات الخاصة استعادت السيطرة على المنطقة. وافيد بعد ظهر أمس ان انفجاراً جديداً وقع في بنغازي واستهدف مبنى المحكمة الإبتدائية موقعاً جريحاً واحداً. وذكرت وكالة الأنباء الليبية أن 43 شخصاً أُصيبوا بجروح في تفجيرات أول من أمس، التي ضربت مختلف مناطق البلاد. وجابت الشوارع تظاهرات تندد بالعنف وهاجم مئات المحتجين مقار لجماعة الإخوان المسلمين في بنغازي وطرابلس ومقراً لائتلاف ليبرالي في العاصمة، بعدما تحولت التظاهرات إلى أعمال عنف مساء يوم الجمعة الماضي. إلى ذلك، أعلن وزير العدل الليبي صلاح الميرغني، أول من أمس، أن سجن الكويفية في بنغازي تعرض لإطلاق نار كثيف خلال العملية التي أسفرت عن فرار 1117 سجيناً منه. وقُبض على 100 منهم حتى الآن. وأُحرقت الجدران وحطمت الأبواب والنوافذ وتناثرت متعلقات السجناء في الزنازين الخالية، في حين قال محمد البرغثي عضو كتيبة «درع ليبيا» المكوَّنة من مقاتلين سابقين في المعارضة، إن تدخل الكتيبة ساعد في الموقف. وأشار البرغثي إلى أن الهجوم على سجن الكويفية نفذته مجموعة من البلطجية وإن المسؤولين عن السجن فروا. كذلك أكد وزير العدل أن قوات الأمن التي تحرس السجن انسحبت في مواجهة الهجوم. وأضاف أن تلك القوات كانت تحاول «منع مذبحة». وفي سياق متصل، تواصلت اجتماعات المجلس المحلي ببنغازي خلال اليومين الماضيين، مع غرفة العمليات الأمنية المشتركة لحماية بنغازي للتوصل لحل للوضع الأمني للمدينة. وقال نائب رئيس المجلس أحمد أبو سنينة إن هذا الانفلات يدل على وجود خرق أمني في المدينة لا يمكن السكوت عنه، لافتاً إلى أن الغرفة الأمنية تعمل ما بوسعها لكن قلة الإمكانات المتمثلة بعدم وجود أجهزة كشف المتفجرات والأسلحة وكاميرات المراقبة في الشوارع، أدت إلى ما هي عليه الحال الآن في المدينة. من جهة أخرى، دانت جماعة الإخوان المسلمين الليبية اغتيال المسماري وقالت في بيان إنها «إذ تشجب هذا الحادث الجبان وتعتبره محاولة رخيصة لإثارة الفتنة والاحتراب الداخلي بين أبناء الوطن الواحد، استغلالاً للخلافات السياسية ولتباين وجهات النظر بين الأطراف الوطنية المتعددة، فإنها تطالب أجهزة الدولة الأمنية بضرورة استيفاء عمليات التحقيق والمتابعة للوصول إلى الجناة والاقتصاص منهم ومعاقبتهم العقوبة الرادعة لكل من تسوّل له نفسه العبث بدماء الليبيين أو السعي في الفتنة بينهم أو تجاوز الخطوط الحمر». كما دانت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، «الجريمة البشعة» التي تمثلت في اغتيال المسماري. وأعلن مساعد الناطق باسم الوزارة فانسان فلورياني أن المسماري «قاد معركة شجاعة من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في عهد (معمر) القذافي وخلال الثورة الليبية والمرحلة الانتقالية».