لم يسجل أمس أي جديد على صعيد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وإن سجل استمرار لحملات التراشق بين فريقي الأكثرية والمعارضة، اللذين رمى كل منهما كرة التعطيل في ملعب الآخر، في حين واصلت بعض الأصوات من خارج الاصطفافين إطلاق تحذيراتها من مغبة التأخر في تشكيل الحكومة.وقال الرئيس السابق للحكومة سليم الحص خلال الإفطار السنوي ل «منبر الوحدة الوطنية» الذي يرأسه: «لو كنت في مكان رئيس الوزراء الجديد، لا قدّر الله، لركزت في بياني الوزاري على التوجهات الإصلاحية التي سأتبناها طيلة فترة وجودي في الحكم»، لافتاً الى أن «الإصلاح مطلوب أساساً في لبنان لترجمة الحرية التي تطبع نظامنا إلى ممارسة ديموقراطية صحيحة»، ومؤكداً أن «النظام السياسي في لبنان لم يبلغ بعد مستوى الممارسة الديموقراطية». واعتبر الرئيس السابق للحكومة النائب نجيب ميقاتي أمام زواره في طرابلس أن «الرهان على عامل الوقت لممارسة الضغط في تشكيل الحكومة الجديدة، هو رهان خاطئ ولا يحقق أي نتيجة، بل سيؤدي الى بروز تعقيدات إضافية»، معتبراً أن «البديل عن هذا الرهان يكون بإزالة العقبات من أمام الرئيس المكلف واعتماد الخيارات التي تعود بالفائدة على الوطن، لا سيما أن المواقف باتت واضحة وهامش المناورة صار محدوداً، فضلاً عن الاستحقاقات الداهمة وأبرزها الاطلالة الرئاسية اللبنانية على المجتمع الدولي في خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في خلال الاسبوعين المقبلين التي ستنتخب لبنان عضواً غير دائم في مجلس الامن». وتمنى أن «تلقى جهود الرئيس المكلف ومبادراته بالتشاور والتعاون مع رئيس الجمهورية التوفيق والنجاح»، مشيراً الى أنه «إذا كان البعض يعتبر أن الدستور اللبناني المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني في الطائف يحتاج الى تعديل في بعض المسائل، فالأجدى العمل على تطبيق الطائف كاملاً لتبيان كل الحسنات والإيجابيات قبل البحث في أي تعديل». وأشار عضو «تكتل لبنان أوّلاً» النائب روبير غانم الى أن «حكومة وحدة وطنية فسّرها لبنان بالتوافق المسيحي - المسلم، وهذا معناها الحقيقي، لكن الواقع هو حكومة ائتلافية بين أكثرية وأقلية وميثاقية تشمل كل الفرقاء والشركاء في لبنان». وأعرب عن اعتقاده بأن «من واجب الرئيس المكلف طرح حكومة ميثاقية ائتلافية تجسد نتائج الانتخابات ولا تلغي أحداً»، لافتاً الى أنه «إذا رفض هذا الفريق أو ذاك، فهذا يعود إليه والشعب يحاسب بالنتيجة». وأوضح غانم في حديث إذاعي أن «المشاكل العضوية التي أنتجت التباين بين اللبنانيين تؤدّي الى صعوبة في تشكيل الحكومة»، مشيراً الى أن «سلاح حزب الله غير قابل للحل طالما لا يزال جزء من الأراضي اللبنانية محتلاً»، ومعتبراً أن «القرار بيد من يملك السلاح، وتالياً من الصعب التوفيق بين منطق الدولة ومنطق المقاومة». ولفت الى أنه «يحق لمجلس النواب أن ينعقد بغياب الحكومة لأمرين: الأول لمناقشة البيان الوزاري، والثاني لانتخاب اللجان بعد تاريخ 15 تشرين الأول (أكتوبر) ولا يجوز أن يتخطى مجلس النواب هذه الصلاحية». وطالب المجلس الأعلى ل «حزب الوطنيين الأحرار» بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيسه النائب دوري شمعون «معرقلي تشكيل الحكومة بالتجاوب مع دعوة رئيس الجمهورية إلى القيام بذلك قبل سفره إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة»، لافتاً الى أن «الاستمرار في وضع العقبات في طريق تأليف الحكومة العتيدة، وأياً تكن هوية الأطراف المتورطين به، يعد إساءة متعمدة إلى كل الوطن، ويقتضي فضح هؤلاء وتخطي حاجز عرقلتهم بتطبيق المبادئ الدستورية والديموقراطية حفاظاً على مصلحة لبنان العليا ومصالح اللبنانيين». وانتقد المجلس الحملات التي تستهدف القضاء والمحكمة الدولية. وشدد على «ضرورة الالتفاف حول رئيس الجمهورية التوافقي لإعادة بناء الدولة على الأسس التي تضمنها الدستور وللعمل على تمكينه من أداء دوره». وأعربت الهيئة الوطنية ل «حركة اليسار الديموقراطي» في بيان، عن «قلقها من السياسات التعطيلية الهادفة الى إبقاء البلاد في حالة ادارة للأزمة، وذلك عبر التمسك بشتى انواع العقبات والشروط للحؤول دون تشكيل الحكومة ومحاولات دفع الازمة السياسية لتخطي الازمة الحكومية نحو ازمة حكم وأزمة نظام بما يستدعي اعادة النظر بالطائف والدستور». وأعلنت «تأييدها لجهود الرئيس المكلف في تشكيل حكومة ائتلاف وطني ومنطقه الهادئ والصلب المصر على التمسك بمعاني الانتصار في الانتخابات النيابية والحفاظ عليها». ورأت أنه «اذا كانت الاوضاع تتطلب تطويراً للطائف في يوم من الايام، فالامر يجب ان يحصل أولاً بعد التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وفي ظل ظروف اكثر استقراراً وبروحية تنمية البعد المدني لمضمون الدولة». معارضة في المقابل، اعتبر وزير الشباب والرياضة طلال ارسلان خلال تدشين حديقة الأمير مجيد ارسلان في بلدة شويا أول من أمس، أن «هذا النظام مأزوم تتوالد منه الأزمات ومنها ما يحمل عناوين حلول هي ابعد ما تكون عن الحلول»، مؤكداً أن «ما من إصلاح يرجى من نظام يقوم على التمييز العنصري والطائفي والمذهبي». ورأى أن «من غير الطبيعي أن يكون موضوع المقاومة عرضة للسجال في هذا الشكل العديم المسؤولية العقيم القصير النظر»، محذراً «الذين بدأوا في الايام الاخيرة يراهنون على الخلاف العراقي - السوري ليضربوا مسيرة تحسن العلاقة بين لبنان وسورية»، قائلاً: «راهنتم بما فيه الكفاية، على نكبة تحل بسورية فحدث العكس تماماً، كفى رهانات متهورة، التهور يضر بمصالح لبنان الحيوية، ويعرض لبنان للمزيد من الخسائر والازمات». واعتبر أن الازمة الحكومية «ليست ازمة مطالب مجردة، انها صورة حية لأزمة». وأكد وزير الصحة محمد جواد خليفة، في كلمة خلال رعايته افطاراً في الصرفند، ان «اي حكومة لن يكون لها معنى اذا لم تكن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع في مواجهة الاستحقاقات على مختلف المستويات ومن اجل تجنب اعادة إنتاج الازمات». وقال: «ليس لدى اي فريق في لبنان بمفرده القدرة على النهوض بلبنان وبمفرده يستطيع ان يجابه التحديات، ومن يعتقد انه قادر على إنقاذ الوطن وحده فهو مخطئ». ورأى ان في «ظل الاستحقاقات الداهمة والتي يعيشها الوطن، فإن مسألة تشكيل الحكومة هو أمر بديهي»، معتبراً ان «حركة امل» والرئيس نبيه بري «عملا من أجل تأمين كل الالتزامات التي من شأنها ان تسهل تشكيل الحكومة وما تبقى هو بيد الرئيس المكلف». وسأل عضو «كتلة التنمية والتحرير» النيايية أنور الخليل الذي مثّل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في إفطار في بيروت أول من أمس: «كيف يحق لنا كمسؤولين أن نتصرف بوكالة المواطنين لنا في شؤونهم وشجونهم من دون أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية التي وعدنا الناس بها منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، بل وقبلها؟». وأضاف: «لماذا لا تشكل هذه الحكومة بعدما دعمنا كل تحرك باتجاه تشكيلها ولا نزال؟ وهل نتناسى الاستحقاقات التي تداهمنا والتحديات الكبيرة التي تواجه الوطن وعلى رأسها العربدة الإسرائيلية اليومية وكلام الحرب؟». ونوه الخليل ب «موقفين مهمين صدرا البارحة: الموقف الأول للنائب وليد جنبلاط الذي ما زال يسعى بكل جهد مشكور إلى إكمال مسيرة التقارب الوطني بين شرائح المجتمع اللبناني وعائلاته الروحية... والموقف الثاني هو النداء العاشر للمطارنة الموارنة الذي اتصف بالحكمة والصراحة والهدوء والذي طالب بتسريع تشكيل الحكومة». وقال عضو «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ابراهيم كنعان ممثلاً رئيس التكتل ميشال عون في عشاء ل «التيار الوطني الحر» أول من أمس، إن «الرسالة الواضحة التي وردت في بيان مجلس المطارنة الموارنة الأول من أمس، في ما يتعلق بالتوطين، والكلام الواضح عن تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية والدعوة الى الوفاق اللبناني - اللبناني، هي من الاهداف التي يعمل التيار الوطني الحر على تحقيقها والتي تؤسس لوضع داخلي أفضل بكثير من الذي عاشه اللبنانيون في الاعوام الماضية». ورأى أن «الأصول الديموقراطية والدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات لا تقول باحتكار مواقع ووزارات من جانب طرف معين، بل تعني تداول المواقع والمسؤوليات. والنظام اللبناني فيه أكثرية وأقلية ولكن فيه أيضاً ضوابط طائفية كرسها اتفاق الطائف، وإذا كانت هناك أكثرية يتكلم عنها الرئيس المكلف سعد الحريري، فهناك أيضاً أكثرية على المستوى الطائفي ونحن نمثل الأكثرية المسيحية التي يجب أن تحترم». وحذر عضو المكتب السياسي في «حركة أمل» الشيخ حسن المصري من أن «الوطن يتعرض اليوم الى مؤامرة عبر تعطيل تشكيل الحكومة، ونعلم الاسباب»، وقال: «يريدون ان تؤلف حكومة بعد شهرين، لا يرأسها الحريري، حكومة تكنوقراط يخرج منها «حزب الله» وحركة «أمل» و «التيار الوطني الحر» والمعارضة والاحزاب الفاعلة وتكون حكومة بكاء على الاطلال. لا يمكن ان نسمح لهذه الحكومة بأن تقوم في لبنان حتى لو شكلت برئاسة رئيس غير الرئيس المكلف اليوم».