على وقع موسيقى ال «روك آند رول»، اختُتمت مهرجانات جبيل مع فرقة «سكوربيونز» الألمانية التي عادت عن قرار اعتزالها، وعاودت تنظيم جولات فنية وإصدار ألبومات. أمسية شبابية بامتياز، تنبض بالحيوية والطاقة والرشاقة والتناغم والانسجام والحركة الدائمة والجنون، فعلى رغم أن معدل أعمار أعضاء الفرقة تخطى الخمسين، لا تزال الروح نضرة. شبان وشابات تجمعوا قبل بدء الحفلة بساعتين حول المنصة لينالوا ابتسامة مباشرة من مغني الفرقة الرئيس كلاوس ماينه، أو تحية منه. جمهور من مختلف الأعمار، يغني مع الفرقة كل تقدّمه، ويرقص بفرح وسعادة على أنغامها الثائرة. أسست الفرقة الألمانية علاقة خاصة مع الجمهور اللبناني، فزارت البلد عام 1996، وقدّمت حفلة كانت الأولى لها في الشرق الأوسط. ولاقت الصحافة آنذاك الفرقة بالترحاب والاشادة نظراً إلى سمعتها الممتازة، ومواقفها المميزة، وغنائها مراراً للسلام والحرية والعدالة، خصوصاً أنها كانت في أوج عطائها. وبعد غياب طويل عادت في العام 2011 بدعوة من مهرجانات جبيل، لتقدم أمسية من أجمل أمسيات ال «روك آند رول» في السنوات العشر الأخيرة وكان عنوانها «الأفضل سيأتي لاحقاً»، علماً أن المحطة اللبنانية كانت الأخيرة ضمن جولة فنية طويلة، قرّرت بعدها الفرقة الاعتزال وإنهاء المشوار الفني الطويل. لكن القيمين على مهرجانات جبيل، حين علموا أن الفرقة تراجعت عن قرار الاعتزال نهاية العام 2012، تواصلوا معها، ونجحوا في استضافتها مجدداً لأمسيتين ثوريتين. علاقة وطيدة وما يعزز العلاقة بين «سكوربيونز» والمهرجان، ما قاله ماينه: «نحن سعداء جداً لعودتنا الى هذا المسرح الجميل والمدينة الساحرة، لن نفوّت فرصة مشاركتهم الفرح، فعلاً انكم جمهور رائع، والغناء هنا يمنحنا شعوراً لا مثيل له». لم يختلف برنامج الحفلة كثيراً عما قدّمته الفرقة عام 2011، اذ اعتمدت على أبرز أعمالها كأغنيات «send me an angel» و«holiday» و«still loving you» و«you and i» و«no one like you» و«i was raised on rock» و«wind of change» التي أهداها ماينه الى الدول المتصارعة في الشرق الأوسط. المميز في العرض، انسجام الجمهور مع أعضاء الفرقة، وتنوع الموسيقى التي تقدمها بين «soft rock» و»heavy metal» و»hard rock» وهي أنواع تقدمها الفرقة من بداياتها. وكانت لافتة أيضاً لعبة الغرافيك التي رافقت العرض، وباتت من الأساسيات في العروض العالمية، وترصد لها موازنات ضخمة، إضافة الى الإخراج المباشر للحفلة. كما بدت مبهرة لعبة الضوء وتغيراته والخلفية التي تتبدل وفق الأغنية أو الإيقاع. وعلى رغم الأفكار السيئة لدى البعض عن موسيقى الهارد روك، والتي تدعو برأيهم الى الموت والانتحار، حاولت فرقة «سكوربيونز» أن تكتب أغانيها بما يلائم روح العصر، فعبّرت في سبعينات القرن العشرين وثمانيناته عن الحرية والعدالة وتمرد الانسان في وجه الاضطهاد، ودعت إلى الوحدة والعودة إلى الجذور، كما لامست بشاعرية كلماتها قلوب مستمعيها عبر أغنية «رياح التغيير» التي أطلقت شهرتها في ألمانيا بلدها الأم. وباتت هذه الأغنية رمزاً للوحدة بين الألمانيتين. وحققت هذه الاغنية أعلى مبيعات في ألمانيا، وكانت القنوات الألمانية لا تتوقف عن عرضها مع صور مختلفة من سقوط جدار برلين، على رغم أن شهرتها لم تتحقق إلا بعد سنتين من هذا السقوط. أسس الفرقة، عام 1965، عازف الغيتار رودولف شينكر، وبدأت كمجموعة طلاب صغيرة، تأثرت بموسيقى الروك الوافدة من أميركا، ونمط ألفيس بريسلي في اللباس: الجينز والسترات الجلدية السوداء. في العام 1970، انضم كلاوس ماينه كمغنٍّ رئيس في الفرقة. صدر أول ألبوم للسكوربيونز العام 1972، بعنوان Lonesome Craw، وتوالت نجاحات الفرقة الباهرة بعد ذلك، على رغم العقبات الكثيرة التي اعترضتها. أجادت الفرقة الغناء بأساليب عدّة، ما جعل أعمالها تستهوي أنماطاً مختلفة من المستمعين، وتمازجت الألحان بشكلٍ رائع مع إيقاعات الغيتار والدرامز. ومن أبرز منجزاتها تحقيقها شهرة كبيرة في أميركا والشرق الأوسط، وغناؤها للسلام في موسكو (1989)، والفوز بجائزة «وورلد ميوزيك أوورد» (1992)، وإحياء ذكرى إلفيس بريسلي (1994). لم يستمر قرار الاعتزال الذي أعلنه أفراد الفرقة في العام 2011 طويلاً، فعادوا عنه سريعاً في نهاية 2012، وأبدوا رغبتهم في مواصلة إقامة الجولات وإنتاج الألبومات الجديدة. ولكن حتى الآن، لم ينتجوا أي جديد، وكانت آخر اصداراتهم عام 2011 حين استعادوا نجاحاتهم القديمة.