في مواجهة المنصة الرئيسة في ميدان التحرير قرب شارع محمد محمود إشارة مرور كبيرة طالما استخدمها الثوار في رفع اللافتات والصور التي تُبرز مطالبهم. تلك الإشارة رُفعت عليها صور الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان، لكن وهم إما خلف القضبان أو على دمى تتدلى من مشانق رمزية. لكن تلك الإشارة حملت صورة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي وتحتها كلمة: «فوضناك». الميدان الذي هتف لأكثر من عام «يسقط يسقط حكم العسكر»، ظل على خلاف مع جنرالات الجيش ولم تُرفع فيه إلا صور شهداء الثورة أو قيادات القوى الثورية، وظل على خصام مع قوى عدة في القلب منها الجنرالات ووزارة الداخلية، لكن السيسي استطاع تغيير تلك المعادلة. وبدأ الحشد في التوافد إلى ميدان التحرير على رغم ارتفاع درجات الحرارة في ساعات الصيام، تلبية لدعوة السيسي النزول إلى الميادين لتفويضه «مكافحة العنف والإرهاب المحتمل». وفي مدخل الميدان من جهة مقر الجامعة العربية وُضعت لافتة كبيرة في استقبال المتظاهرين عليها صورة السيسي بجواره الأهرامات الثلاثة وكُتب بجوارها «فوضناك». وعلى مبنى كبير على يمين المنصة الرئيسة تدلت صورة ضخمة للجنرال كُتب تحتها: «أمل مصر». وفي كل مكان في الميدان ومحيطه انتشر باعة بصور مختلفة الأحجام للسيسي تباع بأسعار متفاوتة. كما ابتكر باعة «كارت التفويض» وفيه صورة السيسي بجوار عبارة «فوضتك في محاربة العنف والإرهاب». الصُلح بين الجنرال والميدان انصرف أيضاً على قواته، إذ سادت مشاعر ودية بين جنود وضباط الجيش في محيط التحرير والمتظاهرين، ليس هذا فحسب بل إن ضباط الشرطة الذين اعتادوا إخلاء مواقع خدمتهم في أي منطقة قرب الميدان في أيام التظاهر، وقفوا بثقة عند أطراف الميدان، بجوار اللجان الشعبية التي شكلها المتظاهرون لتفتيش المارة. وفي قلب الميدان، ظلت المروحيات العسكرية تداعب المتظاهرين فتطير على ارتفاعات منخفضة جداً، وسط تهليل وتصفيق وتلويح بصور السيسي، فتلقي الطائرات على المتظاهرين كروتاً صغيرة لعلم مصر مكتوب عليها «شكراً»، قبل أن تعلو إلى السماء. ذلك المشهد تكرر في غالبية ميادين التظاهر الرافضة للرئيس المعزول محمد مرسي، حيث توارى الكل ليتصدر السيسي مشهد «الثورة ضد الإخوان».