الفرق شاسع بين اليوم ونظيره في العام الماضي، والمصريون وحدهم يشعرون بهذا الفرق، أمس بدأ المشهد مختلفا في ميدان التحرير، في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير حيث بدأ المتظاهرون في التوافد على ميدان التحرير في أعقاب صلاة الفجر للمشاركة في احتفالات الذكرى الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير حاملين الأعلام المصرية واللافتات التي تطالب باستكمال مطالب الثورة بمشاركة مختلف القوى السياسية والائتلافات الشبابية الثورية. ورصدت «عكاظ» أهم ملامح احتفالات الذكرى الأولى للثورة أهمها إعادة توزيع القوى السياسية في الميدان حيث اختلفت بشكل واضح عن خريطة الميدان في كل الجمعات السابقة حيث افتقدت المنصة الرئيسة بروزها المعتاد حتى الآن التى كانت تتواجد في الجهة المقابلة للجامعة الأمريكية «منصة الإخوان والقوى الثورية» في الفعاليات الثورية السابقة مع انتقال منصة الإخوان الرئيسة إلى الجهة المقابلة لكوبري قصر النيل بجوار حديقة تمثال عمر مكرم وسط استعدادات هائلة مع استخدام أكثر من 20 سماعة مكبرة، مقارنة بالمنصات الرئيسة المتواجدة في ساحة الميدان. وساهم تغيير موقع منصة الإخوان المسلمين، عن موقعها المعتاد، في إعادة تغيير توزيع القوى السياسية وخاصة الليبرالية والتي تمركزت في حديقة ميدان التحرير في الجهة المواجهة لمنصة الإخوان، وهو الأمر الذى أدى إلى حدوث مناوشات طفيفة مع قوى ليبيرالية تواجدوا أمام منصة الإخوان بشكل مكثف واصفين المنصة بأنها استعراض للقوة، فيما ناشدت منصة القوى الثورية عبر إذاعتها منصة الإخوان المسلمين الابتعاد عن إذاعة الأغاني حيث أنها ليست احتفالية بمقدر ما هي استكمال لمطالب الثورة على حد تعبيرهم. وحملت منصة الإخوان المسلمين عنوان «العيد الأول للثورة .. إنجازات ومطالب»، وطالبت عبر شعاراتها «الشعب يريد استعادة الأموال المنهوبة»، «الشعب يريد تسليم السلطة»، «الشعب يريد إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين». فيما نصب حزب الوفد منصته بجوار مدخل شارع طلعت حرب، وبجانبها منصة الاشتراكيين من اتجاه عبدالمنعم رياض، وكانت قد انتشرت دعوات شبابية أطلقها عدد من المتظاهرين لإقامة منصة واحدة لمختلف القوى السياسية واختفاء المنصات الحزبية إلا أنه سرعان ما اختفت تلك الدعوات، كما تم حاليا نصب منصتين جديدتين لائتلافات سياسية لم يتم تحديد هويتها السياسية. وانتشرت اللجان الشعبية على مداخل الشوارع الرئيسة المؤدية إلى ميدان التحرير بشكل مكثف لتمتد إلى شارع محمد محمود المؤدى إلى وزارة الداخلية، وشارع القصر العيني حيث مقر مجلس الوزراء فيما تلاحظ زيادة استخدام الأسلاك الشائكة في بعض الشوارع الحيوية التى يقع فيها عدد من المنشآت الهامة، وتقوم اللجان بدرورها بالكشف عن هوية الأشخاص الوافدين إلى ميدان التحرير وتأمين الميدان وتسيير حركة المرور في الشوارع الجانبية للميدان. ووقعت مشادات عنيفة بين مجموعات من المتظاهرين الليبراليين واليساريين من جانب وبين شباب جماعة الإخوان المسلمين من جانب آخر، بعد توجيه شتائم لجماعة الإخوان واتهامات لهم بخيانة دماء شهداء الثورة والتحالف مع المجلس العسكري، بينما أدى التزاحم الشديد والتدافع بالأيدي في ميدان التحرير أمس إلى إصابة 122 شخصا، منهم غريق بحسب مساعد وزير الصحة المصري عادل عدوي. وأوضح عدوي أنه تم إسعاف 93 حالة من خلال سيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة المتواجدة في الميدان، فيما نقلت باقي الحالات إلى مستشفى المنيرة العام، مشيرا إلى أن من بين الحالات شاب غريق سقط من أعلى جسر قصر النيل فيما كان يحاول تثبيت علم مصر فوقه. وسقطت إحدى المنصات التي أقامها المتظاهرون وسط الميدان ما تسبب في إصابة عدد كبير من الأشخاص بجروح. وفي سياق متصل تمركزت أعداد كبيرة من سيارات الإسعاف مجهزة طبيا في محيط ميدان التحرير تحسبا لوقوع إصابات أو حالات اختناق نتيجة التدافع بالأيدي والزحام. وكان ملايين المصريين قد بدأوا منذ صباح أمس في القاهرة ومختلف المحافظات احتفالات بالذكرى الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير. واكتظ ميدان التحرير في وسط العاصمة بنحو مائتي ألف مواطن أحيوا ذكرى الثورة مطالبين بتحقيق باقي مطالبها، رافعين لافتات تطالب برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السلطة وتسليمها إلى المدنيين ممثلين في رئيس مجلس الشعب، وصورا للرئيس السابق حسني مبارك وعليها علامة خطأ. وطالب المتظاهرون بتسريع محاكمات قتلة متظاهري الثورة، وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد ورموز النظام السابق خاصة في القضاء ووسائل الإعلام. ووصلت إلى الميدان، عدة مسيرات من مختلف مناطق محافظتي القاهرة والجيزة، أبرزها مسيرات انطلقت من جامعتي القاهرة وعين شمس ومن الأزهر ، وردد المشاركون فيها هتافات تطالب المجلس العسكري بتسليم إدارة البلاد إلى سلطة مدنية، والقصاص لدماء الشهداء، من خلال محاكمات ثورية عاجلة، حاملين الأعلام الوطنية وبعض صور الشهداء. وفي المقابل رفض آلاف المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى ذراعها السياسي (حزب الحرية والعدالة)، تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب، مطالبين بإتاحة الفرصة أمام المجلس العسكري لاستكمال الجدول الزمني الذي أعده لتسليم السلطة والذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد. وفي المحافظات تظاهر مئات الآلاف خاصة في محيط مسجد القائد إبراهيم بالأسكندرية وميدان (الشون) في المحلة الكبرى بمحافظة الغربية وميدان الأربعين بمدينة السويس، للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.