بعد صدور مؤشرات إيجابية أمس في ألمانياوفرنسا وإيطاليا، تزايدت توقعات المراقبين والمحللين ببدء خروج منطقة اليورو من الركود الاقتصادي الذي واجهته الدول المتعثرة فيها على مدى السنوات الثلاث الماضية. وارتفعت ثقة الشركات الألمانية في تموز (يوليو) الجاري لتواصل صعودها للشهر الثالث على التوالي في علامة على أن أكبر اقتصاد في أوروبا يكتسب زخماً بعد بداية ضعيفة هذا العام. وأفاد «معهد إيفو للبحوث» بأن مؤشره لمناخ الأعمال والذي يستند إلى مسح شهري لنحو سبعة آلاف شركة ارتفع إلى 106.2 نقطة في تموز من 105.9 في حزيران (يونيو). وقال كبير خبراء المعهد كاي كارستنزن «إن غالبية الشركات تنظر بتفاؤل إلى المستقبل، فيما تشهد أجواء النمو قليلاً من الغيوم السوداء». وكان صدر قبل ذلك عن «معهد ماركت للبحوث» في ألمانيا مؤشر الشراء «بي إم إي» الذي تجاوز للمرة الأولى في سنة ونصف سنة عتبة 50 نقطة الفاصلة بين النمو والتراجع إذ سجل 52.8 نقطة. كذلك ارتفع مؤشر الصناعة إلى 53.8 نقطة وهو الارتفاع الأكبر في 17 شهراً. وإلى جانب ألمانيا يبدو أن فرنسا تشهد بدورها وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، بعض النمو في الربع الثاني من العام إذ بلغت نسبة ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي 0.2 في المئة وفق وزارة الاقتصاد الفرنسية. وأورد مركز الإحصاء الأوروبي «يوروستات» أن ثقة المستهلك الإيطالي باقتصاد بلده ارتفعت في الشهر الحالي من 95.8 إلى 97.3 نقطة، ما يعني أن عجلة الاستهلاك والإنتاج ستدور بسرعة أعلى. وتراجعت نسبة البطالة في إسبانيا خلال الفصل الثاني من السنة وذلك للمرة الأولى في سنتين غير أنها تبقى مرتفعة جداً عند 26.26 في المئة، وفق ما اعلن معهد الإحصاء الوطني. ومع هذه النسبة تسجل إسبانيا، القوة الاقتصادية الرابعة في منطقة اليورو، أعلى نسبة بطالة في أوروبا بعد اليونان حيث بلغت البطالة في نيسان (أبريل) 26.9 في المئة. وتراجع عدد العاطلين من العمل في إسبانيا بمقدار 225 ألفاً و200 شخص خلال الفصل الثاني بفضل عقود كثيرة وقِّعت بمناسبة الموسم السياحي، وبات العدد الإجمالي يبلغ خمسة ملايين و977 ألفاً و200 شخص، متدنياً عن عتبة ستة ملايين. وكان مركز البحوث الأوروبية «زد غي في» في مدينة مانهايم الألمانية أوضح منتصف الشهر الجاري أن مؤشر أجواء النمو في ألمانيا الصادر عنه تراجع بمقدار 2.2 نقطة في صورة غير متوقعة ليستقر على 36.3 نقطة، في وقت كان الخبراء المعنيون ينتظرون أن يرتفع إلى 40 نقطة. أما مؤشر الأعمال الراهنة فارتفع نقطتين ليصبح 10.6 نقاط. وخفف رئيس المركز كليمنس فوست من وقع التراجع المتوقع في النمو خلال الأشهر المقبلة قائلاً إن الخبراء المُستفتين «لم يتخلوا مع ذلك عن تفاؤلهم العام بالوضع في ألمانيا»، مشيراً «إلى أن النتيجة لا تزال تؤكد وجود ثقة للخبراء في النمو الألماني، ولم تؤثر بالتالي سلباً في أسعار أسهم بورصة فرانكفورت بعد إعلانها». وعن منطقة اليورو أظهر مؤشرا الأعمال الحالية والمتوقعة بعض التحسن في الأداء. على صعيد الصادرات الألمانية أعلن المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن تسجيل تراجع شديد في حجمها في أيار (مايو) الماضي بمقدار 2.4 في المئة عن الشهر الذي سبقه، الأمر الذي لم يحدث منذ أواخر 2009. ومقارنة بالشهر ذاته من السنة الماضية بلغ التراجع 4.8 في المئة، فيما سجِّل تراجع في الصادرات إلى الدول الأوروبية بمعدل 9.6 في المئة. لكن المقارنة بين إنتاج شهري نيسان وأيار، وشهري شباط (فبراير) وآذار (مارس)، تشير إلى حصول زيادة في الإنتاج الصناعي بنسبة اثنين في المئة. وفي الإجمال يعتقد خبراء كثيرون بأن النمو الذي سيحققه الاقتصاد الألماني هذه السنة سيستند في صورة أساسية إلى الاستهلاك الداخلي. وأعلن المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن أخيراً أن كلفة العمل للعاملين في ألمانيا، وبالتالي كلفة الإنتاج، ارتفعت في الربع الأول من السنة بمعدل 3.9 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، علماً أن حجم الارتفاع هو الأول من نوعه منذ بدء الأزمة الاقتصادية والمالية في نهاية 2008. وفي مقارنة أوروبية ارتفعت كلفة العمل الألمانية عام 2012 بمعدل 2.7 في المئة أكثر من متوسط معدل الارتفاع في دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 1.6 في المئة في منطقة اليورو أيضاً.