واصل المقاتلون الأكراد تقدمهم في شمال شرقي سورية أمس، حيث سيطروا على عدد من القرى بعد طرد اسلاميين متشددين منها، في وقت تسود حال من انعدام الثقة بين العرب والأكراد في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة بين الطرفين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان الاشتباكات استمرت بين مقاتلين من «وحدات حماية الشعب» التابعة ل «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» و «لواء جبهة الاكراد» الذي كان تابعاً ل «الجيش السوري الحر» من جهة، وبين مقاتلين من «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و «جبهة النصرة» وكتائب اخرى مقاتلة من جهة اخرى، في قرية اليابسة في محيط مدينة تل ابيض بمحافظة الرقة في شمال شرقي البلاد. وأشار الى ان «لواء جبهة الاكراد أسر أمير جبهة النصرة في قرية جلبة المعروف باسم ابو رعد وعدداً من عناصر الجبهة». وكان مقاتلون اكراد سيطروا على قرى كور حسو وعطوان وسارج وخربة علو الى غرب تل ابيض. كما سيطروا على قرى كندار وسوسك وتل أخضر وتل فندر والكرحسات في المنطقة نفسها القريبة من بلدة كوباني ذات الغالبية الكردية. علماً ان سكان معظم هذه القرى مختلطون من عرب واكراد. وفي محافظة الحسكة شرق البلاد، استمرت الاشتباكات لليوم السابع على التوالي في منطقة جل آغا بين الطرفين، بحسب «المرصد» الذي اشار الى سيطرة المقاتلين الاكراد مساء أول من أمس على كازية الشيخ ومزرعة كلمي اللتين كان ينتشر فيهما مقاتلون من «الدولة الاسلامية». واندلعت المعارك بين الطرفين في مدينة راس العين الحدودية مع تركيا التي تمكن الاكراد من اخراج مقاتلي «الدولة الاسلامية» و «النصرة» منها، قبل ان تتوسع الى مناطق اخرى. وحصدت حتى اليوم سبعين قتيلاً في صفوف الطرفين. وأشار مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن الى ان انتشار المعارك يترافق مع «اتساع الهوة بين السكان الاكراد والعرب في هذه المناطق». وقال: «المعركة تتحول من قتال بين «وحدات حماية الشعب» والجهاديين الى صراع بين الاكراد والعرب. وقال الناشط الكردي هفيدار ل «فرانس برس» عبر سكايب: «من البداية لم تكن الثقة قائمة على الصعيد السياسي بين الطرفين منذ بداية الثورة». وأضاف: «نحن وقفنا الى جانب الثورة، الا ان المعارضة السورية للاسف لم تتوقف عن ممارسة الالاعيب مع الاكراد وقامت بتهميشهم. ونتيجة ذلك اليوم انقسام واضح». ويتهم بعض اطراف المعارضة السورية شريحة من الاكراد لا سيما حزب «الاتحاد الديموقراطي» بالتنسيق مع النظام. ولم تنجح المفاوضات بين الاطراف الكردية و «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في ضم الاحزاب الكردية الاساسية الى الائتلاف. وكانت قوات نظام الرئيس بشار الاسد انسحبت من المناطق الكردية في شمال البلاد في منتصف العام 2012. وأدرجت خطة الانسحاب هذه في اطار رغبة النظام في استخدام قواته في معاركه ضد مجموعات المعارضة المسلحة في مناطق اخرى من البلاد، وتشجيعاً للأكراد على عدم الوقوف الى جانب المعارضين. وحاول الاكراد خلال فترة النزاع ابقاء مناطقهم في منأى من العمليات العسكرية والاحتفاظ فيها بنوع من «الحكم الذاتي». ويشكل الأكراد نسبة 15 في المئة من سكان سورية. وأفاد مسؤولون اكراد وكالة «فرانس برس» بأن هناك توجهاً لتشكيل حكومة مستقلة لإدارة مناطق وجودهم في شمال سورية. وقال زعيم الحزب صالح مسلم ان الازمة «لا نهاية قريبة لها، ولهذا نحتاج داخل المجتمع في غرب كردستان (...) الى ادارة ذاتية ديموقراطية».