في ظلّ حاضر تشتدّ فيه الفتن الطائفية وتبرز الحاجة الملحّة الى الحوار الديني، يأتي كتاب الباحث والأكاديمي أسعد نصرالله السكّاف «مريم في الكتابين» (دار الأجيال) ليردم هوّة تفصل بين شعوب العالم العربي من مسلمين ومسيحيين. والكتاب دراسة تهدف إلى البحث في نقاط التلاقي بين الديانتين المسيحية والإسلامية، من خلال مقاربة مكانة السيدة مريم العذراء كما تتجلّى في الإنجيل وفي القرآن الكريم. تقوم دراسة السكاف على أساس علمي واجتهاد أكاديمي يتخطّيان المجاملة الذاتية بهدف الوصول إلى النقاط المشتركة في الكتابين، وصولاً إلى رؤية واضحة تُبدّد الجهل والمفاهيم المغلوطة والأحكام المُسبقة التي وقفت وتقف عقبة في سبيل خير الإنسان وأمنه واستقراره. وبمنهج وصفي استقصائي مُقارن يعرض المؤلّف لما يرِد من نصوص عن السيّدة مريم في الكتابين. يصف الباحث جوزيف لحود مفرّج «مريم في الكتابين» بالقول: «إنّ هذا الكتاب للبحّاثة أسعد السكّاف هو نور وهداية في زمن طغيان الشرّ وفوضى الأطماع والاستغلال...». ويكتب السكاف في مقدّمته: «أمضيت ثلاث سنوات ونصف السنة وأنا أعدّ العدّة، أقمّش وأخطّط وأتنخّل بعد مقارنات وتمحيص، حتى استوت لي المادّة وتبيّنت جنبات المسألة...». جاءت هذه الدراسة في ثلاثة فصول وخاتمة، تناول القسم الأول شخصية العذراء مريم ودورها كما يظهرهما الإنجيل. بينما تناول الفصل الثاني شخصية العذراء مريم ودورها كما تظهرهما الآيات القرآنية الكريمة الواردة في سور متعدّدة في القرآن الكريم، مشفوعة ببعض الملامح المُستقاة من الأحاديث الشريفة. وتضمّن الفصل الثالث عرضاً لنقاط التلاقي ونقاط التباين، مُنتهياً إلى أنّ الكتابين الكريمين يُجمعان على تكريم السيدة مريم وتعظيمها، واعتبارها من أفضل نساء العالمين. أمّا الخاتمة فتأتي لتؤكّد ضرورة الاطلاع على الأمور الجامعة بين المنتمين إلى أديان مختلفة، وخصوصاً في لبنان الذي عاش حرباً طويلة بين أبنائه لمجرّد الاختلاف العقائدي. من خلال صورة «مريم»، يُمكن القارئ أن يستشّف الكثير من نقاط التلاقي، وكأنّ الكتاب جاء ليبثّ المحبّة بين الناس في زمنٍ تعمقّت فيه الاختلافات بين شعوب هذه المنطقة، التي لطالما اعتُبرت مهداً للأديان السماوية.