كما في غيرها من دول عربية وإسلامية، تشكل أسعار المواد الغذائية في البحرين أولوية حكومية، وتعمل الدولة على تجنّب تقلب الأسعار وتسجيلها ارتفاعات حادة. وأضافت الدولة إلى ذلك دعماً مالياً لأغذية يستهلكها الجمهور، ودعمت أسعار الطاقة. واهتم مجلس الوزراء البحريني في جلستين عقدهما في الأسبوعين الأخيرين، وفي مناسبة حلول شهر رمضان المبارك، بمستويات الأسعار وتوافر البضائع الرمضانية. وأعطى رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة بعد الجلسة الأولى، توجيهات بمراقبة أسعار السلع والمواد الأساسية لضمان استقرارها، متابعاً بعد أسبوعين توافر تلك المواد في الأسواق وكفايتها. وأوضح عضو اللجنة المالية في مجلس النواب علي الدرازي، أن «تفاصيل دعم المحروقات تمثل مشكلة لدينا، إذ يبلغ دعم المواد الغذائية رقماً بسيطاً نسبته 5 في المئة فقط من الإجمالي». واحتفظ وزير الصناعة والتجارة البحريني حسن فخرو لسنوات، بطاقم موظفين مهمتهم الأساسية القيام بجولات ميدانية يومية على أسواق شعبية وحديثة، للتعرف على الأسعار ومحاولة ضمان استقرارها عند مستويات معقولة. وتفادت الوزارة إعطاء أي انطباع عن اهتمامها باستقرار نسبي لأسعار المواد وكمياتها المعروضة، على أنه تدخلٌ في الحياة اليومية للأسواق وفي شكل ينال من حريتها ويعرقل مبدأ العرض والطلب. ويزداد الإصرار على ذلك لتعهدات الحكومة للقطاع الخاص والمؤسسات الأجنبية باحترامها قوانين السوق وآليتها، في سعي الوزارة ومجلس التنمية الاقتصادية إلى استقطاب شركات ومؤسسات أجنبية، وطمأنتهم إلى أن الدولة تصوغ القوانين ولا تتدخل في آليات الاقتصاد. لكن لرمضان عادات ومتطلبات راسخة عبر قرون عند البحرينيين، وهو شهر يشجع على الإنفاق ويجعله واجباً دينياً للتضامن الاجتماعي. ويُفترض أن يركن المجتمع الحديث الى تقليص استهلاك الموارد اتباعاً لواجب ديني وأخلاقي يتعلق بالبيئة والحفاظ عليها. لكن واقع الأمر يختلف، فإذا كان الفرد يستهلك الأطعمة موزعة على ثلاث وجبات في الأيام العادية، نظم البحرينيون أنفسهم لتناول ثلاث وجبات أيضاً في رمضان: إفطار وغبقة (الوجبة بعد صلاة التراويح وقبل النوم) وسحور. وبات الإفطار الذي يشكل في كل المجتمعات الإسلامية مناسبة دينية، مثابة اجتماع تلتقي فيه العائلة ما يتطلب واجبات اجتماعية متفق عليها. وأتت الغبقة، التي باتت تقيمها الشركات والمؤسسات الاقتصادية وحتى الأجنبية منها، سواء لموظفيها أو زبائنها أو تكرسها أحياناً للقاء مع الإعلاميين. وعلى امتداد الشهر، توجد مناسبات تفضي إلى زيادة الإنفاق، فدخول الشهر مناسبة، ويخصص منتصفه للأطفال في احتفال القرقاعون. ثم تهل عشر أواخر والاعتكاف في المساجد والإنفاق على وجبات تقدم في المساجد. وبانتهاء الشهر يأتي العيد وهو مصدر إنفاق آخر. وباختصار تعمل الحكومة ليس على تثبيت الأسعار أو ضمان قبولها وسط الجمهور فقط، بل أيضاً على ضمان وجود كميات متوقع استهلاكها ضمن المدة المتاحة. لذا أهابت إدارة حماية المستهلك في وزارة الصناعة والتجارة في أيام سبقت رمضان، بجمهور المستهلكين تجنب أنماط استهلاكية مضرّة كتخزين السلع والتهافت على الغذائي منها، وهي متوافرة في الأسواق وبأسعار مستقرة. وبدأت وزارة الصناعة والتجارة استعداداتها لأسواق رمضان منذ أكثر من شهرين، لضمان تأمين الأغذية ومعدلات تزويد الأسواق. واعتبرت توفير اللحوم والرز والطحين والسكر والزيوت والحليب ومنتجاته ومشتقاته، ومواد غذائية معلبة وبيض مائدة وتمور وبهارات بمثابة ضمان «مخزون المملكة الاستراتيجي في بعض منها لأكثر من 8 شهور». ونبهت إلى أن معدلات الطلب تزداد في شكل قياسي في رمضان. ويزيد من ذلك إدراك أسواق البيع وفي مقدمها الأسواق التقليدية والمخازن الكبرى، استعداد المستهلكين للإنفاق، فتقدم عروضاً تنتشر في أسواق المملكة استعداداً لشهر الصيام. وفي جولة تفقدية ثالثة لوزير الصناعة والتجارة في أسبوع رمضان الأول، نقل تقدير الحكومة لتعاون شركات المواد الغذائية والمستوردين، لتوفير مواد غذائية يحتاج إليها المستهلكون في هذا الشهر. إذ أكد مدير فرع أسواق المتنزه أحمد غالب، أن «العروض الترويجية تخفف من الأعباء على المستهلك». وأعلن المدير العام لأسواق «ماستر بوينت» عبدالله الشاووش، «توافر مواد غذائية ضمن عروض ترويجية كبيرة على المواد الأساس بأسعار مستقرة»، موضحاً أن هذه العروض «تخفض بعض الأسعار». وأكد فخرو، أهمية «تواصل المستهلكين مع إدارة حماية المستهلك في الوزارة للتبليغ عن أية شكاوى، لتقف الإدارة على مستجدات قطاع حيوي يرتبط أساساً بمعيشة المواطنين اليومية».