على رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية واضطراب سعر الريال اليمني في مقابل الدولار، تشهد أسواق المدن اليمنية في رمضان إقبالا منقطع النظير أخفقت معه كالدعوات الحكومية والأهلية بترشيد الاستهلاك والبعد عن البذخ في النفقات. وتشير تقديرات وزارة الصناعة والتجارة إلى أن اليمنيين ينفقون أكثر من 200 بليون ريال (نحو بليون دولار) خلال رمضان على شراء الأطعمة وملابس العيد، لافتة إلى أن مستوى الإنفاق الكلي للأسر اليمنية على مختلف مستويات دخولها، يتضاعف من مرتين إلى ثلاث عما هو في بقية شهور السنة، نتيجة لاستهلاك انماط عديدة من السلع والمنتجات المرتبطة عادة برمضان والعيد. وحذّر خبراء اقتصاد في صنعاء من أن الاستهلاك البذخي الذي يستشري في المجتمع، أصبح ظاهرة خطيرة ولافتة، بخاصة في ظل ممارسات لا تناسب مطلقاً وضع اليمن كبلد نامي تتراكم عليه ديون داخلية وخارجية، وتتراجع فيه أنشطة اقتصادية رئيسة مثل الزراعة والصناعات التحويلية. ويرى الخبراء أن حركة البيع والشراء التي تسبق رمضان وترافقه تعادل 35 في المئة من مجمل الناتج السنوي للتجارة الداخلية في اليمن. غير أن هناك وجهاً آخر لرمضان في اليمن يتمثل في شيوع أنماط من الغش التجاري وشيوعها، وإغراق السوق بمواد سلعية منتهية الصلاحية. وفي هذا الصدد أعلن وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل عن إحالة 446 مخالفة تموينية وسعرية من بين 621 مخالفة ضبطت في أمانة العاصمة وتسع محافظات يمنية منذ بداية رمضان إلى النيابات المختصة، إضافة إلى كميات كبيرة من مواد فاسدة ومنتهية الصلاحية. وقال المتوكل خلال زيارة ميدانية لأسواق ومحال تجارية في صنعاء، إن وزارته تسعى وفقاً للقوانين والتشريعات النافذة وفي ظل اقتصاد السوق، إلى السيطرة على الوضع التمويني من خلال ضمان تأمين المواد الغذائية الأساسية وغيرها للمواطن على مدار السنة وبأسعار مناسبة وضمان عدم اختفائها من السوق، وحماية المستهلك من الغش التجاري بجميع أشكاله وضبط المخالفين والاهتمام بتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار. وتنفذ جهات يمنية معنية حملة رقابة ميدانية في رمضان تهدف إلى تحقيق استقرار السعار والتموين وضبط مخالفات الغش التجاري واحتكار السلع أو إخفاءها والمغالاة في أسعارها أو عدم إشهارها. واعتبر المتوكل أن تحديد الأسعار حالة انتهت، ينبغي أن تحل محلها حملة ضبط الأسعار وليس تحديدها وفقاً لآلية السوق المعتمدة التي ينتهجها اليمن، والسعي إلى تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، والإشراف والرقابة على تنظيم الأسواق الداخلية بهدف حماية المستهلك والرقابة على البضائع من حيث الجودة والنوعية ومطابقتها للمواصفات والمقاييس وضبط المواد الفاسدة ومنتهية الصلاحية وكافة أشكال الغش التجاري . من جهة أخرى أكد تجار جملة وتجزئة أن الأسعار شهدت خلال الأيام الماضية تراجعاً ملحوظاً في عدد من السلع بخاصة الأساسية مثل القمح والدقيق والأرز والسكر والزيوت، إضافة إلى التمور. وتعتبر الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني أحد الأدوات الناشطة اقتصادياً في رمضان إذ تسعى إلى تقديم العون والدعم إلى الفقراء والمحتاجين من خلال مشاريع إفطار الصائم وتوزيع المواد الغذائية الرمضانية وتوزيع التمور وكسوة العيد. ودشّنت مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية، أكبر منظمات المجتمع المدني الفاعلة، عملية توزيع مواد الغذاء في إطار حملة «رمضان العطاء» التي تنفّذها سنوياً على مستوى أمانة العاصمة صنعاء ومحافظات اليمن، وتشمل توزيع التمور ومواد الغذاء وإفطار الصائم وكسوة العيد. ويستهدف مشروع «إفطار الصائم» توزيع وجبة الإفطار على أكثر من مليون و200 ألف شخص فقراء ومعوزين. وتستهدف المؤسسة من الحملة تقديم العون إلى الأسر الفقيرة وإعانتها بما أمكن من متطلّبات الحياة، ويستفيد منها أكثر من 336 ألف أسرة. وتنفذ جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية مشروع إفطار الصائم أيضاً، وجمعية الحكمة اليمانية الخيرية مشاريع الخير الرمضانية ويستفيد منها أكثر من 250 ألف فرد وأكثر من 20 ألف أسرة.