كرر رئيس الحكومة المكلّف تمام سلام أمس، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أن كل الخيارات والاحتمالات مطروحة أمامه في ما يخص نوع الحكومة التي سيشكلها، معتبرا أن اللبنانيين «سئموا من الفراغ ومن عدم تأليف الحكومة». واشارت مصادر مطلعة الى أن تحرك سلام يأتي وسط معطياتسبق أن أبلغها الى الرئيس سليمان، وأنه يفكر بطرح مشروع تشكيلة حكومية جديدة ترضي «الرأي العام»، قبل الفرقاء السياسيين، لا يتمثل فيها أي من الفرقاء مباشرة، سواء 8 آذار أم 14 آذار، على ألا تكون أسماء وزرائها مستفزة لأي من هؤلاء الفرقاء أو معادية لهم، بهدف تسيير شؤون الدولة. وقالت مصادر سلام إنه لم يلزم نفسه حتى الآن بتوقيت معين، وأنه يفضل أن يشارك في الموافقة على حكومة كهذه رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط لضمان حصولها على الثقة، «وفي كل الأحوال، الأمر لم يعد يحتمل تأخيراً والرئيس سليمان يتفهم موقفه». وفيما تواصلت التحقيقات في اغتيال السياسي السوري محمد ضرار جمو في بلدة الصرفند الجنوبية، أول من أمس، واستكمل المحققون جمع الأدلة وإفادات الشهود، نقل جثمانه أمس الى سورية تمهيداً لتشييعه اليوم في اللاذقية. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية أن التحقيقات الأولية توصلت الى خيوط مهمة تتعلق بالجريمة، بعد أن جرى توقيف شخصين هما بديع يونس شقيق زوجته وعلي ابن شقيقتها، اللذين أدليا باعترافات حول تفاصيل اغتيال جمو. وأشارت المصادر الى أن التحقيق يتجه الى اعتبار أن الجريمة تعود الى أسباب شخصية وعائلية لا سياسية. وأصدرت قيادة الجيش بياناً أعلنت فيه أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن لا دوافع سياسية للجريمة. وكان القلق من استمرار الاختراقات والأعمال الأمنية في المناطق التي ل «حزب الله» وحلفائه نفوذ فيها ازداد بعد الجريمة، في ظل الاعتقاد السائد أنها تحصل على خلفية اشتراك الحزب في القتال في سورية. وإذ استنكر الرئيس سليمان اغتيال جمو وحذّر من تحويل لبنان ساحة للصراعات، لفت إعلان المكتب الإعلامي في الرئاسة أمس أنه «بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء (نجيب ميقاتي) تقرر تكليف وزير الخارجية (عدنان منصور) الطلب الى ممثل لبنان لدى الاتحاد الأوروبي وإبلاغ المفوضية العامة للاتحاد والدول الأعضاء فيه، طلب الحكومة اللبنانية عدم إدراج حزب الله، وهو مكوّن أساسي من مكونات المجتمع اللبناني، على لائحة الإرهاب، خصوصاً إذا ما اتخذ القرار بصورة متسرعة ومن دون الاستناد الى أدلة موضوعية ودامغة». وكان الرئيس اللبناني تلقى نهار أمس اتصالاً من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أبدى «تقديره للعبء الذي يتحمله لبنان جراء النزوح السوري الكثيف إليه، إضافة الى الوضع الذي يشهد توترات ناتجة من انعكاسات الأحداث في سورية». وأكد هولاند لسليمان «استعداد فرنسا لمواصلة دعمها لبنان ودعم الجيش ومساعدته، لا سيما مدّه بالصواريخ الخاصة بالطوافات» التي تم توقيع اتفاق في شأنها بين الجانبين خلال زيارة سليمان فرنسا. وأمل هولاند، بحسب بيان للمكتب الإعلامي في القصر الجمهوري اللبناني، ب «أن يتم تأليف حكومة جامعة لا تستثني أي مكوّن أساسي من المجتمع اللبناني، وتدير شؤون البلاد في ظل هذه الظروف، وأشار الى المساعي الحثيثة التي تقوم بها فرنسا لعقد مؤتمر أصدقاء لبنان في أيلول (ديسمبر) المقبل على هامش عقد الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة لمساعدته في موضوع النازحين»، مؤكداً «أن بلاده لن تدخر وسعاً في هذا الإطار». وأفاد بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية بأن هولاند كرر دعمه جهود سليمان والجيش اللبناني من أجل الحفاظ على سياسة النأي بالنفس، وتنفيذ تعهدات القوى السياسية الرئيسة، بناء لمبادرته في إطار إعلان بعبدا الصادر في حزيران (يونيو) 2012. وذكّر البيان أنه بمبادرة من فرنسا اعتمد مجلس الأمن بياناً يعيد تأكيد إجماع المجتمع الدولي على التمسك بسيادة لبنان واستقلاله وسلامته ووحدته، وتحركه من أجل حفظ استقراره. وأشار الى تشجيع فرنسا قيام مجموعة دولية من أجل دعم لبنان، في أقرب وقت. وكرر تأكيد أهمية زيادة دعم المجتمع الدولي لبنان ومساندته عمل السلطات اللبنانية في استقبال النازحين السوريين. وذكّر بدور قوات الأممالمتحدة في حفظ الاستقرار في جنوب لبنان». وفي بروكسيل، تناول اجتماع لديبلوماسيين من الاتحاد الاوروبي إدراج الجناح العسكري ل «حزب الله» في قائمة الارهاب على خلفية اتهام عناصر فيه باعتداء مطار بورغاس البلغاري الذي ادى الى مقتا اسرائيليين في تموز (يوليو) 2012. وفيما تحدثت مصادر مطلعة عن قرب التوصل إلى وفاق في هذا الشأن قررت الديبلوماسيون نقل الملف إلى وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم الاثنين المقبل. وقال مصدر ديبلوماسي ل «الحياة» بأن المندوبين ناقشوا اقتراحا قدمته كاثرين آشتون مسؤولة العلاقات الخارجيية في الاتحاد الاوروبي، «يقتضي اتخاذ عقوبات ضد الجناح العسكري لحزب الله، والإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع القيادة السياسية» للحزب». وتركزت التساؤلات عن طبيعة هياكل «الجناح العسكري» للحزب الذي يضم العديد من الجمعيات ذات الوجهين الخدماتي والعسكري. ولا بد من موافقة كل دول الاتحاد لادراج الحزب على قائمة المنظمات الارهابية.