شهد لبنان أمس فصلاً جديداً من فصول تداعيات الأزمة السورية على أرضه باغتيال السياسي السوري الموالي للنظام محمد ضرار جمو في بلدة الصرفند الجنوبية فجراً، الأمر الذي ينذر إذا أضيف الى سلسلة الحوادث الأمنية في مناطق متعددة، بحصول حرب أمنية وتصفيات متصلة بالحرب الدائرة في سورية، لا سيما بعد تفجير عبوة ناسفة أول من أمس في منطقة المصنع البقاعية في سيارة يستقلها اثنان من كوادر «حزب الله» أدت الى إصابة أحدهما بجروح بليغة، في حادث هو الثالث من نوعه على طرقات البقاع، فضلاً عن العبوة الناسفة التي استهدفت منطقة بئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية قبل 9 أيام. وإذ ربط وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل بين الجريمة التي قال إنها سياسية وبين الجرائم المذكورة معتبراً أن الجو السياسي والأمني الصعب الذي يحيط بالبلد، إضافة الى انتشار السلاح لا يبعث على الارتياح، قالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن توالي الجرائم والاختراقات الأمنية في الآونة الأخيرة المتنقلة بين البقاع والضاحية والصرفند والأجواء المشحونة في البلد تضيف الى دوافع التعجيل في الخروج من الفراغ الحكومي والاحتمالات الداهمة للفراغ في المؤسسات الأمنية، لا سيما رئاسة الأركان وقيادة الجيش عوامل جديدة، خصوصاً أن الوضع الأمني مرشح للمزيد من الانكشاف والحوادث المتنقلة. وفي سياق المواقف من استمرار الفراغ الحكومي، لفت أمس قول مصادر رئيس الحكومة المكلف تمام سلام إن كل الخيارات واردة ومن ضمنها إمكان الذهاب في نهاية المطاف الى حكومة أمر واقع. وأشارت الى أن «ما نشهده من شروط وشروط مضادة... يدل الى أن هناك استحالة للتلاقي بين القوى المتصارعة في حكومة واحدة». وعلمت «الحياة» أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان ما زال يستمهل سلام، في انتظار المشاورات التي سيجريها في اليومين المقبلين حول ما أعلنه أول من أمس عن نيته استئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني لعلها تخفف من الاحتقان الذي يشهده البلد. وفي سياق متصل بالتأزم السياسي وبالمخاوف الأمنية قالت مصادر نيابية ل «الحياة» إن لا أسباب سياسية لغياب رئيس البرلمان نبيه بري عن دعوة الرئيس سليمان للإفطار أول من أمس، بل أمنية وأن بري يلازم منزله نتيجة الاحتياطات الأمنية، خصوصاً أنه يتلقى تنبيهات من استهدافه وأنه تغيب حتى عن إفطار مؤسسات حركة «أمل» التقليدي الذي يحرص كل سنة على حضوره، فضلاً عن أنه من باب الاحتياط نزل الى مبنى البرلمان قبل ليلة من الجلسة النيابية التي تأجلت الثلثاء وبات ليلته في مكتبه. وأمس نقل نواب عن بري قوله في لقائه الأسبوعي معهم إن «أخطر ما نشهده هو هذا الهجوم الذي يتعرض له الجيش اللبناني». ووصف محاولة تعطيل مجلس النواب والهجمة على الجيش بأنهما «وجهان لعملة واحدة مشبوهة في الغايات والأسباب». ولقي اغتيال جمو، الذي أطلق عليه مسلحون النار من رشاش حربي بعيد الثانية فجراً في قلب غرفة الجلوس في منزله في الصرفند التي يتمتع فيها «حزب الله» وحركة «أمل» بنفوذ واسع، استنكاراً من الكثير من القوى السياسية الحليفة لسورية وغيرها. وأبرزها «حزب الله» الذي اعتبر «أن جريمة من هذا النوع الفظيع تدق ناقوس الخطر على الساحة اللبنانية كمؤشر الى النفس الإلغائي الذي يحكم جماعات العنف والإرهاب»، فيما كان لافتاً استنكار رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي اعتبر الاغتيال «جريمة بكل المعايير، إذ ان مجرد ارتكاب الاغتيال والقتل تجاه أي إنسان أكان مواطناً لبنانياً أو عربياً أو أجنبياً هو أمر مرفوض والقاتل يجب أن يكشف ويحاسب ويتم الاقتصاص منه. كذلك فإننا ندين ونستنكر حادث التفجير الذي وقع يوم أمس في منطقة البقاع واستهدف أشخاصاً كانوا يستقلون سيارة ويسلكون ذلك الطريق». وإذ استنكر حزبا البعث والقومي الجريمة رأى المنسق السياسي والإعلامي ل «الجيش السوري الحر» لؤي المقداد أن معاقبة جمو من دون محاكمة جريمة، مشيراً الى أنه «ضد التصفية الجسدية». ورأى المنسق العام لأمانة 14 آذار فارس سعيد أن لبنان يعيش انكشافاً أمنياً غير مسبوق.