يهدد العنف المتزايد في محافظة ديالى التي تضم خليطاً من السنة والشيعة العرب والتركمان والأكراد بفرز هذه المكونات من خلال حملة تهجير كانت مدار بحث بين نائب رئيس الوزراء صالح المطلك والمسؤولين المحليين. من جهة أخرى، سجل رئيس الوزراء نوري المالكي تقدماً في معالجة التظاهرات، فقد تراجعت مطالبة المتظاهرين بتشكيل أقاليم، بعد إقرار قانون يمنح المحافظات صلاحيات واسعة. وتشهد بلدات محافظة ديالى (شمال شرقي بغداد) أعمال عنف يومية رفعت عدد القتلى والجرحى خلال النصف الأول من الشهر الجاري إلى 98 قتيلاً وجريحاً، على ما جاء في بيانات رسمية، لكن الوضع في المحافظة يبدو اكثر خطورة، في ضوء تبادل اتهامات بين أحزاب شيعية وسنية بالمسؤولية عن العنف وعودة عمليات التهجير المنظمة. واتهمت «منظمة بدر» التي يتزعمها وزير النقل هادي العامري، امس «الحزب الإسلامي» بالوقوف وراء الهجمات الدامية التي تشهدها محافظة ديالى، وقال القيادي في «بدر» قاسم الأعرجي في بيان أن الحزب «يقف وراء الذبح المجاني لأتباع أهل البيت في المقدادية من عشيرة بني تميم». وأضاف أن «بعض أعضاء مجلس النواب يتسترون على المجرمين ويحمونهم، وعلى هؤلاء النواب تسليم الجناة إلى الأجهزة الأمنية ووقف الذبح والقتل بحق الشيعة في ديالى». إلى ذلك، اتهم المطلك الأجهزة الأمنية بالاعتداء على قرى وتهجير أهلها. وقال في بيان أن «ما يحدث في بعض قرى ديالي من نزوح جماعي يمثل نقطة تحول سلبية يمكن لها أن تنعكس على أمن المحافظة وربما على أمن العراق كله». وأوضح عقب زيارته ديالى: «لقد عملنا على طمأنة الأسر التي كانت تهم بالهجرة ووجهنا بأهمية استبدال أفواج الجيش والشرطة ونحن ماضون في إجراءات لردع المتجاوزين على حقوق المواطن». وأكد أنه أرسل «قرصاً يوضح الانتهاكات التي يتعرض لها الأهالي في المقدادية على يد قوات الشرطة»، وأن «نسخاً من هذا القرص أرسلت إلى قادة الكتل السياسية». و»المقدادية» التي تضم قرى سنية وشيعية كانت مسرحاً لأعمال عنف طاحنة خلال الحرب الأهلية التي حصدت الآلاف من أهالي ديالى كانت ضالعة فيها مليشيات سنية وشيعية بين عامي 2006 و 2009. وتراجع الاحتقان الطائفي الذي انفجر في الشهور الماضية في العراق مع تراجع الدعوات إلى تشكيل «إقليم سني» . وقال النائب وليد المحمدي، عن محافظة الأنبار، وهي معقل انطلاق التظاهرات المناهضة للحكومة أن «الصلاحيات الجديدة للمحافظات بموجب القانون الذي أقره البرلمان أخيراً هي جوهر ما تطالب به تلك المحافظات». وأضاف إن «القانون الجديد يمنح المحافظات صلاحيات واسعة في ملف الأمن ومحاسبة العناصر وهذا ابرز أسباب مطالبة أهالي الأنبار بالأقاليم». إلى ذلك، قال الشيخ خالد الجميلي، عضو مجلس عشائر الفلوجة، شرق الأنبار، وهو من الداعمين للتظاهرات، في اتصال مع «الحياة» امس أن «ذرائع دعاة الأقاليم الذين كانوا يضغطون على الأهالي للخلاص من تسلط الحكومة المركزية في بغداد زالت بعد الصلاحيات الجديدة التي منحت إلى هذه المحافظات»، وأشار إلى أن «شعار الإقليم تراجع حالياً من ساحات الاعتصام ولم يعد أحد يدعو إليه». وقال عضو لجان التنسيق في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، الشيخ عبد الحميد العاني ل «الحياة» أن «الكتل الفائزة في انتخابات الأنبار والتي تعد الأكثر حماسة للأقاليم تراجعت عن دعوتها لعدم تفاعل الأهالي مع هذا المطلب». وكان البرلمان العراقي أقر قبل أيام تعديل قانون المحافظات ومنح الحكومات المحلية صلاحيات واسعة، خصوصاً في مجالات الأمن والاستثمار وإدارة الثروة واعتبر على نطاق واسع حلاً لتصاعد مطالبة المحافظات بالفيديرالية.