واصلت إسرائيل الرسمية تجاهل الاتهامات لها بأنها كانت وراء استهداف مخازن لصواريخ «أرض-بحر» سورية من طراز «ياخونت» الروسي في منطقة اللاذقية قبل عشرة أيام، وتجنب رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو نفي مسؤولية حكومته عن الهجوم أو تأكيدها، لكنه قال إنه مصمم على منع وصول «أسلحة خطرة» إلى «حزب الله»، فيما أكد عدد من وزراء الصف الخلفي أن «التسريبات في قضايا أمنية سيء لإسرائيل». مع ذلك، حذرت «أوساط رفيعة» وزارة الدفاع الأميركية بأنها بتسريباتها لشبكة «سي. إن. إن» حول الهجوم الإسرائيلي «إنما قد تجر إسرائيل» إلى حرب مع سورية هي في غني عنها. ورداً على سؤال لشبكة «سي بي أس» الأميركية حول الموضوع، رفض نتانياهو الإجابة مباشرة، وقال إن سياسة إسرائيل «تقوم على منع نقل أسلحة خطرة إلى حزب الله والمجموعات الإرهابية الأخرى». وأبرزت وسائل الإعلام العبرية في عناوينها الرئيسية أمس «الصمت الصاخب» لسدنة الدولة العبرية كما عرّفته إحدى الصحف، لتضيف أن إسرائيل تشعر بغضب من تسريبات «البنتاغون» من دون تنسيق الأمر معها مسبقاً. ونقلت عن مسؤولين كبار قولهم إن من شأن التسريبات أن «تضعف مكانة إسرائيل» وإنها قد تحرج الرئيس السوري بشار الأسد وتدفعه إلى «إشعال الحدود» في الجولان. وحاولت الإذاعة الرسمية جرّ وزراء في الحكومة للتعقيب على الأنباء عن الهجوم الإسرائيلي، إلا أن ردودهم المقتضبة دلت على أوامر من نتانياهو بعدم التعقيب، إذ قال الوزير يوفال شتاينتس إن «كل التسريبات في القضايا الأمنية والمخابراتية بغض النظر عن مصدرها هي سيئة»، فيما أضاف الوزير عوزي لنداو أنه «كلما قلّ الحديث عن مثل هذه القضايا فإن الأمر يخدم الجميع». أما الوزير يسرائيل كاتس، فقال إن نفي وزير الدفاع موشيه يعالون للخبر «مقبول»، إلا أن الإذاعة استغربت ذلك لأن الوزير يعالون لم يدل بأي تعقيب. ووفق الإعلام الإسرائيلي، فإن إسرائيل تخشى حقاً من أن يشعر الرئيس السوري ب «حرج وإرباك» فيفتش عن سبل للرد، خصوصاً بعد أن هدد على الملأ قبل شهرين بأن سورية سترد على أي اعتداء». وذكر المعلق العسكري في «معاريف» عمير ربابورت، أن ثمة رأياً في أوساط صناع القرار في إسرائيل بأن «الرئيس الأسد مرتدع جداً من إسرائيل» وأنه يدرك أن أي هجوم عليها سيورطه بشدة «وقد يأتي على نهاية حكمه»، ولذا فإنه قد يبحث عن سبل رد أخرى مثل زعزعة الاستقرار في الجولان، وقد هدد بذلك في مقابلات سابقة معه. وبرأي المعلق، فإن الرئيس السوري يريد تفادي مواجهة عسكرية مع إسرائيل خصوصاً قبل أن يتسلم صواريخ «اس-300»، لكن «المشكلة تكمن في أن الجانبين الإسرائيلي والسوري ملتزمان تصريحاتهما ومواقفهما، فمن جهة تتمسك إسرائيل بالاستراتيجية القائلة بأنها ستمنع وصول أسلحة ذات مغزى استراتيجي لسورية خوفاً من أن تنتقل إلى حزب الله، وفي المقابل لن يبقى الأسد والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يتحليان بالصبر إلى الأبد، خصوصاً مع تواتر النشر في الغرب عن هجمات تنفذها إسرائيل في سورية». وزاد أن الوضع على الحدود في الشمال مع سورية ولبنان «متوتر جداً لدرجة أن أي حادث قد يشعل نيراناً كثيفة... حتى أن الانفجار الأخير في الضاحية قد يدفع حزب الله إلى الرد في حال تم نسبه إلى إسرائيل، وعليه فإن كل يوم يمر في هذا الصيف من دون اشتعال الجبهة الشمالية ليس مفهوماً ضمناً». وأشار المعلق إلى أنه سبق لإسرائيل أن اشتكت في مناسبات سابقة إلى كبار المسؤولين في الولاياتالمتحدة من التسريبات من البنتاغون حول هجمات تشنها إسرائيل على سورية. وأضاف أن أوساطاً إسرائيلية ترى أن الولاياتالمتحدة أرادت من نشر خبر الهجوم «تضييق خطوات إسرائيل» لمنعها من شن هجوم واسع على سورية تريد منه إثبات قوة الجيش الإسرائيلي في محاولة لتخويف ايران وإفهام زعيمها الجديد بأنه لا يمكن لأحد السيطرة على تحرك إسرائيل وبالتالي يجدر به التفاوض مع الغرب حول الملف النووي.