صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً، وألينهم كفّاً، وأطيبهم ريحاً، وأكملهم عقلًا، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وأحسنهم قضاء، وأسمحهم معاملة، وأكثرهم اجتهاداً في طاعة ربه، وأصبرهم وأقواهم تحمُّلاً، وأخشعهم لله قلباً، وأرحمهم بعباد الله تعالى، وأشدهم حياء، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها؛ ولكنه إذا انتُهِكت حرمات الله، فإنه ينتقم لله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، والقوي والضعيف، والقريب والبعيد، والشريف وغيره عنده في الحق سواء. وما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسر ولا يتكلف في ذلك، ويقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة، ويخصف نعليه ويرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويحلِبُ شاته، ويخدِمُ نفسه. وكان أشد الناس تواضعاً، ويجيب الداعي من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولا يهاب مَلِكاً لِمُلْكِهِ، وكان يركب الفرس، والبعير، والحمار، والبغلة، ويردف خلفه، ولا يدع أحدًا يمشي خلفه. وخاتمه فضة وفصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن وربما لبسه في الأيسر، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق ولا بالأدم ولا بالجعد القطط ولا بالسَّبط، وكان ضخم القدمين حسن الوجه أبيض مليح الوجه، وكان رجلاً مربوعاً، بعيد ما بين المنكبين، عظيم شعر الجُمَّة إلى شحمتي أذنيه، وفي وقت إلى منكبيه، وفي وقوتٍ إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين والقدمين ضخم الرأس، ضخم الكراديس طويل المَسْربة، إذا مشى تكفَّأَ تكفؤاً كأنما ينحط من صببٍ لم يُرَ قبله ولا بعده مثله، وكان عظيم الفم، طويل شِق العين، قليل لحم العقب، منظره أحسن من منظر القمر، وجهه مثل القمر، وخاتم النبوة بين كتفيه: غدَّة حمراء مثل بيضة الحمامة، وقيل: الخاتم شعرات مجتمعات بين كتفيه، وكان يفرق رأسه، ويدّهن، ويعفي لحيته ولا يأخذ منها شيئاً، ويُسرِّحها، ويأمر بتوفيرها وإيفائها، وإعفائها، وكان يأمر بالاكتحال بالإثمد عند النوم، ويقول: «عليكم بالإثمد عند النوم؛ فإنه يجلو البصر ويُنبت الشعر». وقال: «إن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، ويُنبت الشعر» وكان قليل الشَّيب في رأسه وفي لحيته إذا أدَّهن لم يُرَ شيبه، وإذا لم يدَّهن رُؤي منه شيء، كان شيبه نحواً من 20 شيبة بيضاء، وكان يقول: «شيَّبتني هود وأخواتها»، وفي لفظ: «شيَّبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كُوِّرت»، وشَيْبُهُ أحمر مخضوب، وكان يُحبُّ لبس القميص والحَبِرَة، وكان يلبس العمامة والإزار، وإزاره إلى نصف ساقه، وكان يحب الطيب ويقول: «طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه».