في الوقت الذي تنظر جماعة «الإخوان المسلمين» إلى الوراء في غضب بعدما عزل الجيش الرئيس المنتخب المنتمي إليها محمد مرسي من السلطة، يتطلع حزب «النور» السلفي إلى الأمام على أمل أن يحصل بدلاً منها على أصوات الناخبين. لكن حزب «النور» ما زال يفكّر ملياً في ثمن الأخطاء التي ارتكبتها جماعة «الإخوان» ويقول إنها أضعفت الحركة الإسلامية كلها. وتقرّب الجيش إلى «النور» ثاني أكبر قوة إسلامية بعد «الإخوان» وكان له قول فصل في اختيار رئيس الوزراء الجديد بعدما اعترض على اختيار اثنين من الشخصيات الليبرالية. لكن زعيم «النور» بدا واجماً على غير المتوقع على رغم أن خصمه السياسي وُجّهت له ضربة جردته من كل الانتصارات الانتخابية التي حققها عام 2012. وقال يونس مخيون خلال مكالمة هاتفية إنه ما من شك أن التيار الإسلامي فقد الكثير بسبب فشل «الإخوان» في إدارة الفترة الماضية. وأضاف ل «رويترز» أنه لا يعتقد أن الحركة الإسلامية ستحقق ما حققته بسبب هذه الممارسات الخاطئة. ولا تتوقع الجماعات الإسلامية الحصول على أي نسبة تقترب من نسبة 65 في المئة التي حصلت عليها في انتخابات مجلس الشعب التي أجريت قبل 18 شهراً. وبموجب الخطة الانتقالية التي وضعها الجيش ستجرى انتخابات برلمانية جديدة خلال ستة أشهر. وقال المحلل كمال حبيب وهو عضو سابق في جماعة إسلامية متشددة إن الإسلاميين سيعودون إلى حجمهم الطبيعي وهي نسبة تتراوح بين 25 و30 في المئة. ويعتقد حزب «النور» أن شعبية الإسلاميين والتي كانت في تراجع حتى قبل انتخاب مرسي تقلّصت أكثر بسبب إخفاقات مرسي خلال فترة العام التي قضاها في الرئاسة والعنف الذي نتج من الإطاحة به. كما انتقد مخيون جماعة «الإخوان» لأنها استعانت بمتشددين انطوى خطابهم على العنف في الأسابيع القليلة الماضية، قائلاً إن هذا زاد من نفور المجتمع المصري من الإسلاميين. وقد تأسس حزب «النور» بعد الانتفاضة التي أطاحت مبارك عام 2011 وحصل على ثاني أكبر نسبة من الأصوات في انتخابات 2011. أما جماعة الإخوان فقد تأسست عام 1928. وخرج حزب «النور» من عباءة الدعوة السلفية التي تتخذ من الإسكندرية مقراً وهي معقل للحزب اليوم. ويزعم حزب «النور» أن لديه 800 ألف عضو أي ما يعادل تقريباً أعضاء جماعة «الإخوان». ودعا الحزب إلى تغييرات ذات طابع إسلامي أثناء صياغة الدستور العام الماضي. وبعد ذلك قاد حملات مطالبة بتطبيق المبادئ الإسلامية، وعلى سبيل المثال طالب بعرض مشروع قانون يسمح لمصر بإصدار صكوك على رجال الدين للموافقة عليه أولاً. وبعد تحالف الحزب مع جماعة «الإخوان» في لحظات حاسمة عام 2012 نأى «النور» بنفسه عن «الإخوان» هذا العام وردد اتهامات المعارضة بأن مرسي يسعى إلى الانفراد بالسلطة. ومع تعمّق الأزمة السياسية هذا العام قدّم «النور» نفسه وسيطاً. وأصبح للحزب ثقل كبير في خريطة الطريق التي وضعها الجيش - وأعلنت جماعة «الإخوان» مقاطعتها لها - وذلك بسبب أسلوبه الأكثر مهارة في التعامل مع الأوضاع. وعمل الجيش على إرضاء «النور» باعتباره الحزب الإسلامي الوحيد الذي وافق على خريطة الطريق مما يعني عزل جماعة «الإخوان» ومنح السلطات تأييداً من قطاع إسلامي. ويتضمن الإعلان الدستوري الذي صدر للعمل به في الفترة الانتقالية صبغة إسلامية طلبها حزب «النور» وعارضها الليبراليون. وقال مصدر عسكري طلب عدم نشر اسمه: «نقدّر موقف حزب النور جداً ونرى مستقبلاً لهذا الحزب في مصر». غير أن طريقة تعامل «النور» مع الوضع الحالي لها مخاطر. ويقول حلفاء إسلاميون آخرون إنه باع القضية، وهو اتهام ربما يضر بمركزه بخاصة بعد مقتل أكثر من 55 شخصاً بالرصاص عندما فتح الجيش النار على محتجين مؤيدين لمرسي. ويقول الجيش إنه كان يصد هجمات لإرهابيين هاجموا قواته في حين تقول جماعة «الإخوان» إن القتلى كانوا يصلّون الفجر. وأعلن حزب «النور» بعد مقتل هؤلاء يوم الاثنين إنه سينسحب من خريطة الطريق التي وضعها الجيش. لكنه ظل مشاركاً في العملية. غير أن حزب «النور» يقول إنه لا يسعى إلى أي مناصب في الحكومة كما يقول نادر بكار الناطق باسمه. وقال عاصم عبدالماجد وهو من الحلفاء المتشددين لجماعة «الإخوان» أمام حشود من مؤيدي مرسي إن القياديين في «النور» يجب أن يتوبوا إلى الله لما وصفه بالخيانة من جانبهم. ووصف مخيون قرار حزب «النور» التعاون مع خطط الجيش بأنه ضرورة أكثر مما هو اختيار. ويقول «النور» إنه من خلال مشاركته في العملية التي ترفضها جماعة «الإخوان» فإنه بذلك يمثّل صوت الإسلاميين، وتمكّن من مقاومة توسع كبير في نفوذ الليبراليين في الإدارة الجديدة غير المنتخبة. ويحاول حزب «النور» إحياء جهود الوساطة، لكن مخيون قال إن التواصل مع جماعة «الإخوان» في الوقت الحالي «صعب». واقترح الحزب تشكيل لجنة من «الحكماء» لتشجيع المصالحة والاتفاق على خطة انتقالية جديدة تكون مقبولة للجميع. لكنه قد يجد صعوبة في إقناع قاعدة أعضائه بمزايا هذه الطريقة في التعامل. وقال المحلل كمال حبيب إن الإسلاميين غاضبون ويشعرون بأن هذا انقلاب عليهم مما يضع حزب «النور» تحت ضغط. وأضاف أن الحزب في موقف حرج.